عندما تسمع الأم خبر إصابتها بسرطان الثدي، لا تفكر في نفسها فقط، بل ينتقل فكرها تلقائياً إلى بناتها اللواتي قد يكن حاملات لجينات المرض أيضاً، خصوصاً أن سرطان الثدي من بين الأمراض التي تُورث تماماً مثل لون الشعر والبشرة والعيون. وكان الجراح الفرنسي بول بروكا اكتشف وجود علاقة للوراثة في الإصابة بسرطان الثدي في العام 1865، لكنه لم يستطع تحديد السبب حينها. وفي العام 1990 اكتشف العالم هول وجود علاقة بين اختلال وراثي في الكروموسوم 17 والإصابة بمرض سرطان الثدي. ويرتبط السرطان الوراثي بخلل جيني يُسمى (BRCA1) و(BRCA2)، وإذا كانت المرأة حاملة لهذا الخلل فإن نسبة إصابتها بالمرض تزيد بنسبة تصل إلى ثلاثة أضعاف، بحسب ما كشفت احصاءات أجرتها منظمة الصحة العالمية. ويتميز سرطان الثدي الوراثي بشراسته، إذ ينتشر بسرعة، ولا يستجيب كثيراً للعلاج الكيماوي والهرموني، بالإضافة إلى ظهوره في سن مبكرة. ويرى الأطباء أن خطر الإصابة بسرطان الثدي الوراثي يزيد عند المرأة في حال إصابة قريبتين لها من الدرجة الأولى بالمرض قبل بلوغهما سن ال50، أو إذا أُصيبت ثلاث قريبات لها في أي مرحلة من عمرهن. وهنا يُنصح بعمل تحليل خاص للجينات يكشف إن كانت المرأة تحمل الخلل الجيني المتسبب في السرطان أم لا. وعلى رغم الأبحاث التي تشير إلى أن 10 إلى 15 في المئة من حالات الإصابة بمرض سرطان الثدي تكون وراثية، إلا أن المنظمات الصحية تشجع النساء اللواتي أُصيبت قريباتهن بالمرض على أخذ إجراءات وقائية. ولأن الكشف المبكر عن المرض هو حجر زاوية في مكافحته والشفاء منه، ينصح الأطباء بضرورة إجراء الفحص الذاتي باستمرار، وفي حال الشعور بوجود أي ورم أو تكتل خفيف، يُنصح باستشارة الطبيب. وكإجراء وقائي، يُفضل أن تواظب المرأة على إجراء فحص بالأشعة، إذ تشير إحصاءات أجرتها الوكالة الدولية لبحوث السرطان إلى أن الفحص الشعاعي يقلل معدل الوفيات الناتجة من سرطان الثدي بنسبة تتراوح بين 20 و50 في المئة لدى النساء اللواتي تجاوزن ال50 عاماً. ويلعب النظام الغذائي للمرأة دوراً مهماً في مقاومة السرطان، لذلك يُنصح بتناول الكثير من الأطعمة الغنية بالمواد المضادة للأكسدة لأنها تمنع حدوث الالتهابات وتكافح الخلايا السرطانية. وتتواجد هذه المواد في الخضار الحمراء والصفراء والخضراء القاتمة اللون كالفليفلة والبروكولي، على أن يتم تناول خمس حصص منها يومياً. ويرى مؤلف كتاب "لا خوف من السرطان بعد اليوم" ، رايموند فرانسيس، أن تجنب السكر المصنع هو أحد أهم إجراءات الوقائية من كافة أنواع السرطان، مشيراً إلى أن السكريات تعيق عمل جهاز المناعة، وتغذي الخلايا السرطانية ما يؤدي إلى كبر حجمها وانتشارها داخل الجسم.