أكد الفنان سامر المصري أنه اعتذر، أخيراً، عن عدم تجسيد دور الحسين في مسلسل «الأسباط» الذي يتناول سيرة الحسن والحسين (رضي الله عنهما)؛ سبطي الرسول (ص). وجاء اعتذار المصري، كما أوضح في تصريح ل «الحياة»، «إثر الجدل الذي أثاره العمل، وانقسام الآراء، وتباين الفتاوى الدينية في شأن تجسيد شخصية الحسين»، وشخصيات أخرى يتناولها المسلسل الذي كتبه محمد اليساري بينما كان سيخرجه عبدالباري أبو الخير في أول تجربة له بعد سنوات من عمله كمخرج منفذ. وأقر المصري بأن «أي فنان يطمح إلى تجسيد شخصية الحسين، غير أن تلكؤ المشروع، واصطدامه بفتاوى دينية، أديا إلى تأخير التصوير حتى اللحظة، فارتبطتُ بأعمال أخرى لا يمكنني معها التفرغ للدور المذكور، خصوصاً ان أنباء أشارت إلى أن التصوير ربما سيجري في تونس، وأنا مرتبط بأعمال في دمشق». ولمّح المصري إلى انه «فرد من هذا المجتمع ولا أستطيع أن أنفصل عن قيمه، وقناعاته، ولا يمكنني، بصورة عامة، أن أتجاوز المرجعيات الدينية، وأعمل في مسلسل، هو موضع جدل غير محسوم حتى اللحظة». وأبدى المصري إعجابه بسيناريو المسلسل الذي يقدم «وجهة نظر تصالحية، هادئة لمرحلة من أكثر المراحل صخباً وحساسية وحرجاً في التاريخ العربي - الإسلامي»، منتقداً الرقابات العربية «غير المتفهمة لعمل من هذا النوع». وأعرب عن أسفه لآراء الجمهور التي ظهرت في المواقع الإلكترونية، والتي اتهمت صنّاع العمل باتهامات مختلفة، وبلغة متحجرة تضمر «تعصباً أعمى» وصلت إلى حد التهديد وإهدار الدم». وتساءل المصري: «إذا كان هذا الرأي هو السائد قبل تصوير العمل، فكيف ستستطيع الجهة المنتجة عرضه على الشاشات لدى إنجازه»؟ وكانت وزارة الإعلام السورية رفضت تصوير العمل في سورية لأنه «سيثير إشكالات»، على رغم أن شركة «المها» الكويتية التي رصدت نحو ثلاثة ملايين دولار لإنتاجه، كانت قد شيدت ديكورات خاصة للمسلسل في موقع قريب من دمشق، كما منع تصويره في لبنان. ورداً على سؤال حول رأيه في تجسيد شخصيات تتمتع بالقدسية لدى بعض المذاهب الدينية، قال المصري ان «الأمم المتحضرة تطرح أكثر المواضيع إشكالية وحرجاً عبر الفنون، وهي لا تتأخر في رصد المحطات السود في تاريخها، فالفن هو «عملية تطهير»، كما يقال، وهو حين يذهب إلى المواقع المظلمة والمعتمة، فإنه لا يهدف إلى إثارة الفتن، كما رأت فتاوى قالت ان المسلسل سيقتل الحسين مرة أخرى، وسيصنع كربلاء جديدة، بل يهدف إلى استخلاص العبر والدروس، والى التعريف بالأسباب والدوافع التي رسمت مسار التاريخ على هذا النحو أو ذاك، في محاولة لتفادي الأخطاء ذاتها». وتابع المصري ان «أهمية مسلسل «الأسباط» تكمن في تناوله مرحلة مفصلية من التاريخ العربي الإسلامي، وتطرقه إلى أحداث الفتنة منذ مقتل الخليفة عثمان بن عفان، وحتى مقتل الحسين». ونفى أن يكون العمل منحازاً لجهة ضد أخرى، بل هو يسعى إلى التخفيف من وطأة الخلافات، وتحميل الأسباب لشخصيات كانت تسعى إلى الفتنة والتخريب مثل شخصية عبدالله بن سبأ، ودوره في إثارة الفتنة بين المسلمين»، لافتاً إلى أن العمل «لا يتبنى أي آراء مسبقة، بل يقدم قراءة معتدلة لمرحلة صاخبة ومضطربة نجد بعض تجلياتها في المرحلة الراهنة». وخلص المصري إلى القول ان «الهدف من هذا العمل هو إيجاد التوافق بين الشيعة والسنّة، لأنه مبني على قاعدة حسن الظن بين الصحابة، واحترام الصحابة وآل البيت وتبيان فضلهم معاً». وكان من المفترض أن يشارك في العمل، فضلاً عن المصري، سلوم حداد بدور شخصية معاوية بن أبي سفيان، نوار بلبل بدور شمر بن ذي الجوشن (قاتل الحسين في كربلاء)، خالد القيش بدور الخليفة يزيد بن معاوية، التونسي فتحي الهداوي، المغربي محمد مفتاح، المصري أحمد راتب، الكويتي فيصل العميري، اللبنانيان بيار داغر ومحمود سعيد، وفنانون آخرون من الأردن والخليج العربي. وكان الشيخ محمد عكام، مفتي حلب، قال في تصريحات لموقع «سيريا نيوز» إن «تشخيص الصحابة ليس محرماً دينياً، ولا يوجد أي نص أو آية يحرمان هذا التشخيص، لكنه محرم اجتماعياً وتقديرياً، ويجب أن يمنع من منطلق الاحترام لشخصية الإمام الحسين المقدسة رضي الله عنه عند المسلمين وأبناء الطائفة الشيعية الذين يعتبرونها منعطفاً أساسياً في تكوينهم، وبالتالي يفضلون ألا تشخص خوفاً من أن ينتابها أي شيء يمسّ قدسيتها».