الإعلان المبهج الذي نشرته الشركة السعودية للكهرباء حول احد الجوامع في الرياض الذي قام مشكوراً مأجوراً ببناء حاجز زجاجي اسهم في توفير 67 في المئة من استهلاك الطاقة الكهربائية، هذا الاعلان فاتحة خير تنموي وثقافي وبيئي، نتمنى ان يزيد بأن تقتديه بقية الجوامع الكبرى في المملكة. المشكلة باختصار ان كل الجوامع التي تقام فيها صلاة الجمعة تكون في بقية الفروض وطيلة ايام الاسبوع مضطرة لتشغيل كل اجهزة التكييف، ومعها مصابيح الاضاءة – وهذه مبحث آخر – على رغم ان المصلين قليلون وفي جزء صغير من الجامع، والسبب ان الجامع مساحة مفتوحة. الفكرة جميلة، والأجمل منها سيكون في مستقبل الايام جهد من وزارة الشؤون الاسلامية ومن المهندسين وشركات المقاولات ومن المتبرعين ببناء المساجد بأن يكون في تصميم تكييف واضاءة الجوامع ما يراعي هذه الوضعية. ان القضية ليست فقط تقليص استهلاك الطاقة الكهربائية، بل هي ايضاً وفر مالي كبير لوزارة الشؤون الاسلامية، التي يقودها وزيرها وفريقه المميز، الى نقلات تنفيذية نوعية نلمسها على ارض الواقع، وهذا الوفر يمكن استغلاله في مشاريعها الأخرى. القضية ايضاً بيئية، واذا أردنا اداء دورنا في الحفاظ على البيئة فمن البديهي ان يكون تقنين الاستهلاك الى حد الحاجة الفعلية هو من اهدافنا لتقليل الانبعاثات التي تضر بالبيئة وتسهم في تسخين الكوكب، وحتى لو كان هذا الجهد قليلاً، فانه بادرة وفاتحة خير، ويمكن لهذه القدوة الحسنة ان تنتشر في قطاعات اخرى واماكن عمل او معيشة تحتاج الى اعادة النظر في انظمتها لتكييف الهواء. ايضاً، لفت نظري، ان تكييف المساجد بأجهزة تكييف «اسبلت» ضخمة وحديثة بات موضة حتى في المناطق الباردة، وشهدت في مصائف سعودية جوامع تم تكييفها كما لو انها ترزح تحت قيظ الرياض او جدة، فقط لمجرد المباهاة او تكميل صورة المسجد، وهنا يجب ان تلتفت الوزارة الى هذه القضية وتضع نظاماً صارماً يحدد الحاجات الفعلية للجوامع خصوصاً في المناطق الباردة وهي ليست قليلة في مملكتنا. في الدين يجب علينا الاقتصاد، والحفاظ على موارد الدولة، وفي الدين ان القدوة الحسنة لصاحبها اجر من اتبعها، وفي العرف ايضاً ان التوفير والاقتصاد واجب تنموي، وجزء من مواطنتنا التي تسهم في رفعة بلدنا. مبادرة صغيرة، منافعها ومعانيها كبيرة، ولأن المسجد مكان العبادة، وجزء من ثقافتنا، ومن أحيائنا وحياتنا فان هذا المشروع يجب ان يعمم، وان يكون مثالاً يحتذى، فالبشر يزيدون، والاحياء السكنية تتوسع، وبالطبع ستزيد المساجد والجوامع، ومعها سيزيد استهلاك الطاقة الكهربائية. وفي بعض وزاراتنا ومنازلنا ما يحتاج الى حواجز زجاجية بعد ازالة الحواجز الفكرية وفي مقدمها حاجز البهرجة والمفاخرة بالمساحات والساحات المكيفة «مركزياً». [email protected]