تغيب البسمة عن منصات عروض الأزياء، إذ يندر أن يوجد بين العارضين والعارضات المرتدين أبهى الملابس، من يبتسم أمام عدسات الكاميرا أو الجمهور. ويقول العارض البريطاني من أصل نيجيري، تي أوغونكويا البالغ من العمر 26 عاماً: "عملت مع دور أزياء عدة، ولم يطلب مني أحد أن أبتسم، وسيكون الأمر غريباً إن فعلت ذلك الآن". وتشرح العارضة السلوفاكية كلارا البالغة من العمر 18 عاماً، الأساليب التي تتبعها للحصول على حاجبين مقطبين أثناء العرض: "أحاول أن أفكر بأشياء حزينة، مثل قطتي التي دهستها حافلة". فيما يرى العارض الفرنسي ماتيو فيو (22 عاماً)، أن السبب في ذلك بسيط جداً، فالمصممون "يريدون عرضاً للأزياء لا للوجوه، وإن ابتسمنا قد نجذب الأنظار إلينا، بدلاً من الثياب". وتروي العارضة السابقة فيكتوار ماسون دوسير في كتابها "مذكرات عارضة"، الإرشادات التي تلقتها من المشرفين عليها في مهنتها، فكتبت: "تعلمت أن أخفض رأسي قليلا، وأن أرفع عيني قليلا لأحصل على نظرة حادة، وأن ألغي ملامح التعبير عن وجهي، خصوصاً الإبتسامة، فأبدو منفصلة عن العالم الواقعي". وتؤكد الكاتبة في مجال الموضة ليديا كاميستيس، أن الحال لم يكن هكذا دوماً، ففي الستينات من القرن العشرين كانت العارضات يبتسمن ويتحركن على المنصة بخفة أكثر، مضيفة: " كانت لعارضة الأزياء شخصية يجب أن تعبر عنها"، مستشهدة بالعارضة سيندي كروفورد. وترى أن نقطة التحول بدأت مع المصممين اليابانيين مثل يوجي ياماموتو، "عندما أصبحت العارضات فجأة متشابهات ولا تعابير لهن، وصرن أشبه بتعليقات الثياب في الأعوام الأخيرة". وتوضح مديرة قسم الموضة في معهد "نيو سكول بارسونز" بباريس، ليلى نيري ، أن البسمة فارقت وجوه العارضات مع تحرر المرأة وانطلاقها أكثر في الحياة الاجتماعية وبتأثير من النساء اللواتي اشتهرن بصورهن وهن عابسات مثل بريجيت باردو وفرنسواز آردي وجاين بيركين. وتذكرنيري: "صارت العارضات أقرب في المظهر إلى الذكور، وأكثر استقامة في المشي بخطى كبيرة، كما أن صورة المرأة النموذجية التي تضحك مثلما تظهر الإعلانات التجارية الأميركية (..)، انتهت منذ زمن".مضيفةً: "يريد مصممو الأزياء الحاليون أن تكون العارضة جسداً لا تعبير فيه، وأن يظهر قيمة التصميم، لا نموذجاً للمرأة". وفي المقابل، شكّل المصمم الفرنسي جان بول غوتييه استثناءً، إذ يستخدم عارضات يختلفن تماماً عما هو شائع اليوم، إضافة إلى الهندي مانيش أرورا والبريطاني بول سميث الذي يقول: "لم أطلب من العارضين أن يبتسموا، لكني لا أعارض ذلك، لأن الثياب الزاهية التي يرتدونها تجعلهم سعداء، فلنبتسم إذن".