يصعب في موسم تلفزيوني كالذي نعيشه الإحاطة بالأدوار الغزيرة والمتنوعة التي لعبها النجم السوري بسام كوسا، خصوصاً في الدراما التلفزيونية، وهو الذي عرفناه خلال العقدين الماضيين ممثلا متميزاً، يبحث عن الأدوار المركبة، الصعبة، والتي تحتاج إلى موهبة ذهنية ثقافية منفتحة. طوال الشهر الكريم نتابع النجم بسام كوسا وهو يلعب دور «بدر» الشاب المعاق إعاقة بليغة تجعل صاحبها ثقيل القدرة على التكيف مع المحيط الاجتماعي، لكننا نقف بدهشة أمام «ليونة» أداء كوسا، وقدرته على التكيف مع هذه الشخصية، والتعبير عنها بكلّ أبعادها. نعني ما هو أكثر من الحركات باليدين، أو النطق الثقيل باللسان. ما نقصده هو تعبيرية الوجه الذي يتمكن بسام بموهبته الاستثنائية من جعله يتماهى مع روح الشخصية، وصورتها التي نعرفها في الحياة. «وراء الشمس» المسلسل الذي يؤدي فيه بسام كوسا دور المعاق «بدر»، هو أيضاً فضاء لشخصية معاق آخر يؤديها شاب معاق فعلا، أي يلعب على الشاشة دوره الحقيقي في الواقع. ذلك شيء مختلف تماماً، أما النجم الفنان فإنه ينفتح بموهبته على عوالم نراها عادة في صورها الخارجية، الظاهرة، والتي لا تعبر بالضرورة عن باطنها وروحها الداخلية... ولا شك في أن كوسا منحها من موهبته توهجاً مضاعفاً، وتلك تحسب له في زحام وجوه الممثلين الذين يلعبون أدوارهم على الشاشة الصغيرة. هي الموهبة بالتأكيد، لكن ذلك لا يكفي، فبعد الموهبة لا بد من روح الهواية حيث ملامحها لا تزال في أداء بسام كوسا، بل في تعامله مع قضية الفن عموماً، وهي روح يظل الممثل بحاجة إليها لرفده بطاقات متجددة على لعب أدواره بتألق ونجاح كما هو حال كوسا وحال أدائه. كل مرة يفاجئنا بسام كوسا بالجديد، والجميل هنا أن الجديد يأتي في الشكل والمضمون معاً، كما لا يتحقق كثيراً لنجوم آخرين على رغم ما تشهده الدراما السورية من كثافة إنتاجية بلغت أربعين مسلسلا هذه السنة. تحية للفنان بسام كوسا الذي لم تغره النجومية بالكف عن تجديد فنه.