يستعيد معرض في نيويورك ذكريات حي "ليتل سيريا"، في مبادرة هدفها إحياء تاريخ هذا الحي الذي شكل على مدى عقود طويلة القلب الاقتصادي والثقافي النابض للجاليات العربية في الولاياتالمتحدة، وأيضاً مواجهة الأفكار النمطية السلبية عن العرب. ويمتد الحي الذي يعرف بسورية الصغيرة على 10 شوارع في أقصى جنوب غربي مانهاتن، وتعود أصول سكانه إلى لبنان ودمشق وحلب، في زمن كانت كل هذه البقاع تتبع السلطنة العثمانية، حيث كانت التجارة تشكل العصب لهذا الحي. ويتوزع فيه عدداً من متاجر الغذاء والفاكهة المجففة والفستق، بالإضافة إلى باعة القماش. وفي أعمدة إحدى الصحف التي كانت تطبع في الحي، نشر الأديب اللبناني جبران خليل جبران كتابه الأول "الموسيقى" في العام 1905، حيث كان الحي يشكل عاصمة للمهاجرين العرب في الولاياتالمتحدة، وملتقى الكتاب والشعراء والفنانين. ونشأت في حي سورية الصغيرة "الرابطة القلمية" التي كانت تناصر قضايا التحرر العربية من الاستعمار، إذ ضمت أدباء كبار من سورية ولبنان أبرزهم ميخائيل نعيمة، ورشيد أيوب وإيليا ابو ماضي. ويقول مدير المتحف الوطني العربي الأميركي في ميشيغن ديفون اكمون: "كان لذلك انعكاس كبير على هذا البلد، الأمر أشبه بحوار بين سورية (بلاد الشام) وحي سورية الصغيرة"، لكن الحي مسح عن الخريطة، إذ أن مشروع نفق "بروكلين باتيري تانل" الذي يصل اليوم مانهاتن ببروكلين، لم يبق منه سوى بضعة مبان. وولدت فكرة المعرض العام 2011، واليوم أصبح المعرض حقيقة، إذ فتح أبوابه السبت الماضي، ومن المقرر أن يتواصل حتى التاسع من كانون الثاني (يناير) المقبل، في جزيرة ايليس ايلاند التي كانت بوابة دخول لملايين المهاجرين إلى أميركا منذ الثمانينات من القرن ال 19 وحتى منتصف القرن ال20 وكانت الاستعدادات جارية لإحياء الذكرى العاشرة لهجمات ال 11 من أيلول (سبتمبر) قرب حي سورية الصغيرة، وقال أكمون: "كان هناك جدال حول العرب الأميركيين وموقعهم في المجتمع الأميركي"، مضيفاً "رأينا أنه الوقت المناسب لإعطاء المعلومات الصحيحة عن العرب الأميركيين، وأيضاً أن نضع الموضوع في إطار التاريخ الكبير من الهجرات إلى الولاياتالمتحدة." ويجد المنظمون في هذا المعرض طريقة لإعلام الرأي العام الأميركي بما يجري في سورية التي تمزقهما حرب مدمرة. ويقول اكمون: "نريد للأميركيين أن يعرفوا بكل بساطة أن العرب الأميركيين موجودون هنا منذ زمن طويل، على أمل أن يؤدي ذلك إلى تنوير بعض العقول." وأوضح أن المعرض صمم بشكل يتيح لكل زواره أن يشعروا أنه يعبر عن جزء من تاريخ عائلاتهم، من طريق الصور والوثائق واللافتات المعروضة التي تصور الحياة اليومية في الحي. ويقول رئيس جمعية "واشنطن ستريت هيستوريكال سوسايتي" تود فاين: إن "هذا المعرض يحول ذكريات الحي إلى تاريخ إنساني، بصرف النظر عن الأصل والدين واللغة." ويظهر من الصور المعروضة واحدة توضح عدداً من الرجال يتناقشون في ما يبدو أنها قضية مهمة، وصور تظهر مطاعم في الحي، منها مطعم "خليل" الذي كان يمكنه ان يستقبل الف زبون في وقت واحد.