تعقد مؤسسة الرئاسة السودانية، التي تضم الرئيس عمر البشير ونائبيه سلفا كير ميارديت وعلي عثمان طه، اجتماعاً مهما اليوم الأحد في جوبا، عاصمة إقليم الجنوب، لتسوية القضايا العالقة المرتبطة بإجراء الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب المقرر بداية العام المقبل. وقللت «الحركة الشعبية لتحرير السودان» التي تحكم الجنوب من فرص استمرار وحدة البلاد ورأت أن استقلال الجنوب سيؤدي الى تمزيق البلاد الى «دويلات» صغيرة. وقالت مصادر في حكومة إقليم الجنوب إن رئيس حكومة الإقليم سلفاكير دعا البشير وطه الى إفطار رمضاني في جوبا اليوم، يعقبه اجتماع مؤسسة الرئاسة لحسم القضايا العالقة والبت في قضية اختيار الأمين العام لمفوضية الاستفتاء الذي يعطل نشاط المفوضية بعد خلاف الطرفين في شأن هوية الشخص الذي سيشغل المنصب. وأكدت المصادر ذاتها أن اللجنة السياسية المشتركة ستضع أمام الاجتماع اقتراحات لمعالجة الخلاف على خمس نقاط في ترسيم الحدود بين شمال البلاد وجنوبها، وذكرت أن هناك تقارباً في مواقف الطرفين حول أربع نقاط، بينما لا يزال الخلاف على النقطة الخامسة يراوح مكانه. وحذر نائب رئيس «الحركة الشعبية» حاكم ولاية النيل الأزرق التي يشملها اتفاق السلام الفريق مالك عقار، من تقسيم السودان الى دويلات في حال الانفصال، ونفى بشدة الحديث عن توجّه حركته نحو الانفصال وتخليها عن مشروع وحدة السودان على أُسس جديدة. وتَوَقّع عقار أن تفضي نتيجة الاستفتاء إلى وحدة البلاد، وتابع: «إذا انفصل الجنوب فلن يكون هناك سودان. سيتفرّق إلى دويلات كثيرة». وشدد عقار على وحدوية حركته، مؤكداً أنها لم تُغيّر رأيها في الوحدة الطوعية وستظل وحدوية، ودعا الى تقديم المزيد من التنازلات لحفظ السودان من الانهيار، لافتاً الى أنّ وحدة السودان مكانها القصر الرئاسي، وأن مؤسسة الرئاسة لها القدرة على ترجيح الخيار الذي تتفق عليه. كما حذر نائب رئيس حكومة الجنوب رياك مشار الجنوبيين من الاكتفاء بالتسجيل من دون التصويت في الاستفتاء على تقرير المصير. ودعا مشار خلال مخاطبته ورشة عمل عن الاستفتاء في جوبا، منظمات المجتمع المدني الى المشاركة في تعبئة الجنوبيين للتسجيل للاستفتاء، لكنه لفت الى أهمية العمل أيضاً في مرحلة التصويت، مشيراً الى خطورة التسجيل لمن لا يستطيع أن يصوت، باعتبار أن القانون يطلب نسبة 60 في المئة من المسجلين لإكمال النصاب، ودعا من يشعر بأنه لن يستطيع أن يصوت خلال فترة الاستفتاء الى عدم تسجيل نفسه لأن ذلك قد يؤذي النصاب المطلوب. وشدد مشار على ضرورة أن تكون العملية شفافة وحرة ونزيهة، موضحاً انه على رغم أن الاستفتاء هو حق الجنوبيين إلا انه العملية تخص كل السودان لأنها ستقرر مصير كل البلاد. وأضاف مشار أن كل السودانيين يريدون ضمان إتمام العملية بحرية وليس تحت ضغوط من أية جهة، كما نوه إلى عدم تكرار الأخطاء التي صاحبت الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الأخيرة. وانتقد مشار مساعي الحكومة في الخرطوم لتنفيذ مشاريع تنموية في الجنوب لجعل الوحدة جاذبة، وقال ساخراً: «إذا تحولت جوبا إلى إمارة دبي بالتنمية خلال الأشهر الخمسة المقبلة فلن يكون ذلك كافياً لجعل الوحدة جاذبة، لأن هناك مسائل أخرى مثل العدالة والمحاسبة وأشياء أخرى كان يجب أن توضع في الحسبان لجعل الوحدة جاذبة». إلى ذلك يواجه حزب «المؤتمر الوطني» الحاكم و «حركة تحرير السودان» برئاسة منى أركو مناوي أزمة جديدة تتعلق بتطبيق ما تم الاتفاق عليه بين الطرفين حول مشاركة حركته في الحكومة. وانتقد نائب رئيس الحركة الريح محمود بشدة تأخير إعلان مشاركة حركته في الحكومة، ووصفه بأنه «غير طبيعي ومن دون أسباب واضحة». وأضاف الريح: «اتفقنا مع حزب المؤتمر الوطني على طريقة المشاركة وأودعنا أسماء مشاركينا في السلطة منذ أكثر من شهر». ولم يستبعد الريح أن يكون طلب الحزب الحاكم من حركته دمج قواتها وإكمال تنفيذ بند الترتيبات الأمنية سبب تأخير إعلان المشاركة، إلا أنه أكد أن الحزب الحاكم لم يقل ذلك صراحة، بل أرجع الأمر الى «أسباب إجرائية». وتابع الريح: «حتى الآن الظرف عادي ولكن إذا استمر الوضع يمكن حينها تقويم الموقف». وتنتظر «حركة تحرير السودان» التي وقعت اتفاق سلام مع الحكومة في أبوجا في 2006 إعادة تعيين زعيمها مني اكو مناوي مساعداً للرئيس وتعيين وزير دولة في الحكومة الاتحادية ومسؤولين في حكومات ولايات دارفور الثلاث. على صعيد آخر، أعربت الخرطوم عن ارتياحها إزاء دعوة الرئيس الكيني مواي كيباكي نظيره السوداني عمر البشير إلى زيارة نيروبي وتجاهلها دعوات دولية لتوقيفه. ووصف وزير الخارجية السوداني علي كرتي أن كينيا قررت دعوة البشير للمشاركة في مراسم بدء العمل بدستورها الجديد، والتزمت بموقف الاتحاد الأفريقي، و «ركلت كل الدعوات التي وصلتها من جهات عدة وناشطين يقفون خلف المحكمة الجنائية الدولية وخاب فألهم عندما رحبت كينيا كثيراً بزيارة البشير»، على رغم أنها عضو في المحكمة الجنائية الدولية.