ترأّس رئيس مجلس الوزراء اللبناني سعد الحريري قبل ظهر امس في «بيت الوسط»، اجتماعاً لكتلة «المستقبل» النيابية جرى خلاله عرض للتطورات السياسية الراهنة. وفي حين لم يصدر شيء عن الاجتماع، أكدت مصادر المجتمعين ان الحريري تبنّى البيان الذي صدر أول من امس الخميس عن الكتلة برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة وتناول أحداث برج أبي حيدر. وأدى الحريري والسنيورة ظهراً صلاة الجمعة في جامع محمد الأمين في وسط بيروت، ثم انتقلا الى ضريح الرئيس رفيق الحريري وقرآ الفاتحة. «صرخة بيروتية» ودان أعضاء الهيئات المنتخبة في «مؤتمر إنماء بيروت» من نواب ومجلس بلدي وهيئات نقابية واقتصادية ومخاتير، الذين التقوا امس في فندق ريفييرا «لاطلاق صرخة جماعية تحمل رأيهم وموقفهم ومطالبهم، ما تعرضت له أجزاء من العاصمة في برج أبي حيدر وسواها». واكد المجتمعون في بيان «رفض استباحة العاصمة من خلال انتشار السلاح والمسلحين في الأحياء وبين المنازل، والذي عندما يترافق مع أجواء الاحتقان الشعبي الناتج عن المواقف السياسية – الإعلامية التعبوية والتحريضية، يصبح أرضاً جاهزة للانفجار العنفي المسلح». ودعوا القوى الأمنية من جيش وقوى أمن داخلي، لممارسة دور أكثر حزماً وللتدخل بسرعة لتضرب المخلين بالأمن ولتحمي الآمنين في منازلهم وأعمالهم، وليس انتظار الهدوء وتوقف اطلاق النار لتدخل بعد ذلك بين المتقاتلين وكأنها قوة فصل، أو حكم بين متنازعين». وإذ شدد البيان على «رفض نظرية الأمن بالتراضي، ورفض تأليف لجان التنسيق الأمنية بين المتقاتلين التي تعيدنا إلى تجارب الحرب الأهلية البغيضة»،اكد ان «الجيش والقوى الأمنية هي وحدها المسؤولة عن الأمن». وسأل الحكومة عن «الإجراءات التي اتخذت بحق الضباط الذين تقاعسوا عن القيام بواجبهم في حماية الناس وممتلكاتهم ومنع العبث بالاستقرار والسلامة العامة»، مطالباً القضاء «بحماية الناس والتدخل بمساعدة الأجهزة الأمنية للتحقيق في ما جرى وكشف الفاعلين ومعاقبتهم». وزاد البيان ان «بيروت ليست يتيمة الأبوين كي تستباح»، ولفت الى إن «ممثلي بيروت وأهلها المجتمعين لاطلاق صرخة باسم كل بيروت وسكانها يقولون بصوت واحد: لا لتكرار ما حدث من استباحة للعاصمة وسكانها، لا للتراخي في تطبيق الأمن والنظام، لا للسلاح والمسلحين خارج إطار الشرعية داخل العاصمة وفي شوارعها. مطلبنا جميعاً: بيروت منزوعة السلاح». وفي المواقف، دعا وزيرالعمل بطرس حرب إلى «جمع السلاح من كل الأفرقاء، ومن كل المناطق، وتسليمه إلى السلطة اللبنانية»، مؤكداً أن «أي حل لموضوع تفشي السلاح يحتاج إلى مواكبة من القوى السياسية». ولفت إلى أن «التعامل الجدي مع هذا الموضوع يكون بمساندة القوى السياسية للجنة الوزارية التي شكلها مجلس الوزراء»، معرباً عن اعتقاده أن «القوى السياسية هي اليوم على المحك وأمام الامتحان». وأضاف حرب أنه «بانتظار اقرار الاستراتيجية الدفاعية، ستبقى ظاهرة سلاح حزب الله موجودة». بيروت والضاحية وأكدت وزيرة الدولة منى عفيش ان اللجنة الوزارية التي شكلت لمعالجة ظاهرة تفشي السلاح تهدف الى درس كل الإجراءات التي يمكن اتخاذها في هذا الإطار، مشيرة الى «الموقف الحازم الذي اتخذه مجلس الوزراء بضرورة تدخل الجيش عند أي حادث قد يحصل». واستنكرت عفيش «أشد الاستنكار» ما حصل من اشتباكات في برج ابي حيدر، نافية وجود أي تخاذل من قبل الحكومة، ومعتبرة أن اشكالاً بسيطاً لا يمكن ان يتطور ويصل الى ما وصل اليه الأمر الثلثاء الماضي. وإذ أوضحت ان اللجنة ستدرس ظاهرة انتشار السلاح من كل جوانبها، أضافت: «الجيش كلف بالتدخل فوراً في أي حادث قد يحصل»، مثنية على «الخطة التي يجب اتباعها من اجل معالجة معضلة السلاح، وستضع اللجنة الإجراءات اللازمة لمعرفة اسباب هذا الانتشار الكثيف للسلاح سواء كان مرخصاً ام لا». واستغربت ان يترافق أي حادث عرضي مع هذا «الزخم» من الأسلحة. وأعلنت أن القرار بمعالجة السلاح «سيتخذ على جميع الأراضي اللبنانية بدءاً من بيروت والضاحية، فهدف اللجنة بحث المسألة بهدوء وبالتنسيق مع كل الفاعلين على الأرض». الجيش والأوامر وأعلن عضو الكتلة ذاتها عاطف مجدلاني «ان بيروت ليست مدينة للمسلحين والميليشيات»، مؤكداً ان «بيروت منزوعة السلاح ليست شعاراً بل إصرار منا على تنفيذ هذا المطلب». وقال: «إذا لم تفرض الدولة هيبتها ستبقى الساحة في بيروت وباقي المناطق ساحة اقتتال»، مذكراً بأن كتلة المستقبل طرحت اسئلة عدة عن مسؤولية الأجهزة الأمنية وسبب حيادها». وهل أعطى قائد الجيش العماد جان قهوجي أوامر للجيش بالتدخل ولجم المسلحين؟، قال: «مجرد وقوف الجيش جانباً يعني أنه لم يعطِ أوامر بالتدخل، وهنا تقع المسؤولية على قيادة الجيش». وشدد مجدلاني على ان «العناصر غير المنضبطين موجودون عند كل الأطراف والأحزاب»، مشيراً الى أن «هناك من يسعى الى فتنة، مع العلم أنها تستلزم فريقين». وأسف عضو كتلة «التنمية والتحرير» النيابية غازي زعيتر لأحداث برج أبي حيدر، وقال: «الجميع يشعر بالمرارة لا سيما في هذا الشهر الفضيل، ولكن أتمنى ترك الموضوع للقضاء لمعرفة إن كان فردياً أو لأسباب سياسيّة أو جرّاء تدخل طابور خامس كما يقول البعض، وبالتالي التحقيق سيبيّن الحقيقة التي تخدم مصلحة استقرار البلد، وهذا من مصلحة تيار المستقبل والرئيس سعد الحريري». ورأى زعيتر ان «مواقف الرئيس الحريري في الإفطارات الرمضانية وما تعكسه من أجواء تهدئة تتعارض مع بيان كتلة المستقبل برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة». واعتبر أن «استقرار بيروت ليس هاجس فريق واحد بل شأن كل اللبنانيين، فهي عاصمة كل لبنان». وقال: «من مصلحتنا جميعاً أن نتوحّد في مواقفنا، والتهدئة المطلوبة يجب ان تواكب بممارسة كما علينا جميعاص عدم تغطية أي أمر». واستنكر المجلس الأعلى ل «حزب الوطنيين الأحرار»، في بيان إثر اجتماعه برئاسة رئيسه النائب دوري شمعون، «المواجهة المسلحة بين عناصر ميليشيوية»، معتبراً انها «إنذار جدي للدولة ومؤسساتها». ورأت حركة «اليسار الديموقراطي» في بيان «ان اخطر ما حملته الاشتباكات انها كانت مرتقبة، وتؤشر بقوة الى احتمالات تكرارها».