تحركت وزارة التجارة والصناعة لضبط سوق الشعير التي سجلت ارتفاعات كبيرة أخيراً، وقرر وزير التجارة عبدالله زينل إخضاع سلعة «الشعير» لأحكام التنظيم التمويني في الأحوال غير العادية، في وقت تسود فيه توقعات قوية بارتفاعات مقبلة لأسعار الشعير على مستوى العالم، ومخاوف من تلاعب بعض المستوردين والتجار في الأسعار، ما يؤدي إلى ارتفاع كبير وغير مبرر للأسعار. وبذلك ينضم الشعير إلى قائمة السلع التي تخضع لأحكام التنظيم التمويني في الأحوال غير العادية، بعد أن تم إخضاع حديد التسليح بمقاساته كافة خلال آذار (مارس) الماضي، ثم أصدر وزير التجارة في حزيران (يونيو) قراراً بإخضاع سلعة الطوب الأحمر لأحكام التنظيم نفسه. ورحّب اقتصاديون وتجار مواشٍ بقرار وزير التجارة، واعتبروه خطوة مهمة لضبط السوق والسيطرة على الارتفاعات التي حدثت أخيراً، ومنع التلاعب في السعر، واستغلال المستوردين والتجار الأوضاع لرفع السعر. واعتبر القرار الذي أصدره وزير التجارة «مخالفاً لأحكامه كل من تجاوز من المستوردين نسبة هامش ربح مقدارها 5 في المئة من كلفة الاستيراد بعد خصم مقدار الإعانة ورسوم التفريغ في الموانئ، وكل من باع كيس الشعير وزن 50 كيلوغراماً من الموزعين أو التجار بزيادة عن هامش الربح المحدد ضمن قرار مجلس الوزراء رقم (135) وتاريخ 27-4-1431ه، وهو 4 ريالات للكيس، وكل من امتنع عن البيع أو قام بتخزين الشعير أو لم يضع لوحة توضح أسعار البيع في محله من المستوردين والموزعين وتجار الشعير». ووفق القرار «سيتم تطبيق العقوبات المنصوص عليها في قراري مجلس الوزراء رقم (855) وتاريخ 26-5-1396ه، ورقم (135) وتاريخ 27-4-1431ه حيال المخالف، وأبرزها فرض غرامة مالية على المخالف تصل إلى 50 ألف ريال، ومصادرة فرق السعر وإغلاق المحل لمدة تصل الى شهر». وأضاف القرار: «إذا كانت المخالفة من المستورد يعاقب بالحرمان من كامل الإعانات المستحقة له، ويتم إيقافه عن الاستيراد مدة لا تقل عن ستة أشهر، مع أخذ التعهد الشديد بعدم معاودة المخالفة وإلا يمنع من مزاولة نشاطه نهائياً، وفي حال كانت المخالفة من الموزع فيمنع من ممارسة نشاطه لمدة لا تقل عن ستة أشهر مع أخذ التعهد الشديد بعدم معاودة المخالفة، وإلا يمنع من مزاولة نشاطه نهائياً، والتشهير بمرتكب المخالفة على نفقته بعد اكتساب القرار الصادر ضده صفة القطعية في ثلاث صحف محلية في مناطق مختلفة، على أن تكون إحداها في المنطقة التي وقعت فيها المخالفة أو قريبة منها». كما تضمن القرار أن تتولى ضبط وإثبات المخالفات لجان تشكّل من وزير التجارة والصناعة وترفع محاضر الضبط من وزارة التجارة والصناعة للنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود أو من يراه لإصدار القرار بتوقيع العقوبة. وأوضح عضو اللجنة الزراعية في غرفة الرياض الدكتور عبدالعزيز الحربي أن التوقعات تشير إلى ارتفاع في سعر الشعير بسبب ما يشهده العالم من ظروف مناخية وحرائق، لذلك جاءت قرارات وزارة التجارة محاولة لمنع التلاعب في السعر، واستغلال هذا الظرف من بعض المستوردين والتجار، وإشعارهم بأن السوق ستكون مراقبة ولن يسمح بالتلاعب في الأسعار. وقال إن «وزارة التجارة متى ما عقدت العزم على فعل أمر فباستطاعتها القيام به، والوزارة والحكومة عموماً جادين في وضع حد للتلاعب في الأسعار»، مؤكداً ضرورة تعاون المستهلك والمواطن مع قرار الوزارة والإبلاغ عن أي تلاعب، أو زيادة في الأسعار، أو مخالفة للقوانين الصادرة. وأوضح أن المستفيد الرئيسي من الدعم الذي تقدمه الحكومة للشعير هم المصدرون، مشيراً إلى أن العائد من هذا الدعم لا يوازي ما يتم إنتاجه من الثروة الحيوانية المحلية، مؤكداً اعتماد السوق السعودية في اللحوم الحمراء على الاستيراد من الخارج والذي يتجاوز 5 ملايين رأس سنوياً. وأشار الحربي إلى أن الاستخدام الخاطئ من المربين للشعير جعل المملكة أكبر مستورد للشعير المعروض في العالم والذي يصل إلى 40 في المئة منه، ما يضعها في موقف ضغوط من التجار الأجانب، خصوصاً أن الشعير ليس له بورصة عالمية، إضافة إلى ما يتعرض له الشعير من مخاطر جفاف أو ضعف جودة. وأكد أن «المملكة تعاني من خلل في استهلاك الشعير، ما دفع بالوزارة إلى تبني استراتيجية الأعلاف في بداية العام قبل الماضي التي تعالج هذه المشكلة، وتقلل من الاعتماد على الشعير، الذي يرى الخبراء عدم جدواه الاقتصادية بالصورة الحالية»، معتبراً أن استراتيجية الأعلاف التي أقرتها وزارة الزراعة أخيراً ستسهم في إيجاد حلول لاعتماد مربي الماشية على الشعير كعلف وحيد للماشية. من جانبه، قال تاجر المواشي محمد مخلف إن قرار وزير التجارة يعتبر مطلباً وطنياً، يقف معه الجميع من تجار ومستهلكين، لأنه يؤثر في أسعار اللحوم التي تعاني من ارتفاع في الأسعار»، مشيراً إلى أن الشعير سلعة أساسية في تربية الماشية، وارتفاعها سيترك أثراً كبيراً في الأسعار، معرباً عن اعتقاده بأن العقوبات التي تنتظر المتلاعبين ستكون رادعاً لهم عند محاولة مخالفة التسعيرة، وطالب وزارة التجارة بالقيام بجولات تفتيشية مستمرة للوقوف على السوق. وكان وزير المالية إبراهيم العساف أعرب عن أمله أن يُتخذ ترتيب مناسب مع مستوردي الشعير، إذ إن من الواضح أن أكبر المستفيدين من الإعانة هم مصدرو الشعير، مؤكداً في الوقت نفسه أن معظم مستوردي وتجار الشعير يستشعرون المسؤولية الوطنية، وقد بادر بعضهم بطرح مقترحات للتعامل مع تذبذب وارتفاع أسعار هذه السلعة، إلا أن هناك مؤشرات إلى وجود كميات كبيرة من مخزون الشعير لدى قلة من المستوردين تم استيرادها عندما كان السعر منخفضاً، إضافة إلى استفادتهم من الإعانة المقدمة من الحكومة، ومع ذلك لا يرغب هؤلاء القلة في طرحها في السوق وفي هذه الحال قد تضطر الجهات المعنية إلى اتخاذ إجراءات قانونية بحقهم. يذكر أن تقديرات المختصين تشير إلى أن حجم الدعم الذي تقدمه الحكومة للشعير يتجاوز 4 بلايين ريال سنوياً، وأنه يتغير بحسب السوق العالمية، وتقوم وزارة المالية بتغيير حجم الدعم وفقاً لذلك.