يبدو ان البرامج الساخرة على شاشة «ال بي سي» ستكون اولى ضحايا الانتخابات البرلمانية اللبنانية المزمع عقدها في 7 حزيران (يونيو) المقبل. فعلى رغم الجماهيرية الكبيرة التي تحظى بها برامج مثل «بسمات وطن» و «8 و14 ونحن» و «دمى قراطية»، وعلى رغم الطلب الاعلاني الكثيف عليها... لم تتردد ادارة «المؤسسة اللبنانية للإرسال» في إيقافها من دون سابق إنذار ريثما تمرّ الانتخابات على خير، ويعود البلد الى طبيعته. يبدو القرار غريباً للوهلة الأولى، خصوصاً في ظل كل الكلام الذي يبجل حرية الإعلام في لبنان. ولكن نظرة الى تاريخ بعض هذه البرامج قد تفسر الكثير: من الغضب في الشارع المناصر ل «حزب الله» بعد تناول برنامج «بسمات وطن» لشربل خليل السيد حسن نصرالله في «اسكتش» كوميدي ساخر عام 2006، وصولاً الى «غضب» صاحب جريدة «الديار» شارل ايوب من البرنامج ذاته وصاحبه، والذي ترجمه بمقال قاسٍ على صدر الصفحة الأولى من جريدته يوم الجمعة الماضي. وإذا كان خليل اكتفى عشية صدور المقال الذي طاوله بالقول في برنامج «دمى قراطية» انه لن يردّ، فإن الجواب جاء من إدارة «ال بي سي» بعد نحو ساعتين حين مرّ إعلان خلال برنامج «ستارأكاديمي» يشي بإيقاف البرامج كافة التي تعرض بعد الأخبار (إلا «ستار أكاديمي») واستبدالها بالمسلسل اللبناني «الطائر المكسور». مصادر في «ال بي سي» تؤكد ان قرار إيقاف البرامج الكوميدية الساخرة فترة الانتخابات لم يكن وليد ساعته، إنما كان مبرمجاً منذ فترة، وهدفه درء الفتن والحساسيات التي قد تولّدها مثل هذه البرامج في هذه الفترة الحساسة. لكن بعض المعلومات تفيد بأن القرار كان من المتوقع ان يُنفذ ابتداء من 21 من الشهر الجاري، على ان يطاول البرامج الساخرة فحسب من دون ان يأخذ في طريقه برامج اجتماعية مثل «أحمر بالخط العريض» لمالك مكتبي أو فنية مثل «شرفتوني» لطوني بارود. وما يزيد الطين بلة ان المسلسل الذي حلّ مكان كل هذه البرامج لم يحظ عند عرض حلقاته الاولى بإقبال جماهيري، ما يؤكد عشوائية القرار. من هنا السؤال: ماذا يحدث داخل «ال بي سي»؟ إذا كانت البرامج الساخرة في التلفزيونات اللبنانية قد أُخذ عليها في الفترة الأخيرة أنها أضحت متاريس سياسية، فإن التطورات الأخيرة إن كانت تدلّ على شيء، فإنما تدل على توجه «المؤسسة اللبنانية للإرسال» لأن تكون على الحياد في معركة سياسية سلاحها الأول الشاشات التلفزيونية التي تعرف كيف تتحايل على القانون، وترّوج لفريق دون آخر... تحت راية الحريات الصحافية والحق في التعبير. وبعد، هل من يلوم «ال بي سي»؟