تحرص أسر سعودية كثيرة على عمل التجديدات والتغييرات لمنازلها في شكل دوري (أو سنوي). وذلك لأسباب يأتي من بينها الرغبة في كسر الروتين والتنويع في الديكورات، أو بداعي التباهي أمام الآخرين من قريبين وبعيدين، وإظهار القدرة على إمكان إحداث التغيير للمنزل سواء بشكله الداخلي أم الخارجي في أي وقت وبأي ثمن. وقد لا تكون أولوية التغيير تتمثّل في الحرص على إيجاد جديد (الموديلات) في المنزل، وإنما يتقدّم عليها في كثير من الأحيان الاهتمام بما ستقع عليه عيون زائري المنزل المجدد... إذ أن التجديد يحدث أحياناً لأجل الناس من خارج المنزل. وغالباً ما يتم اختيار الإجازة الصيفية كموعد لإطلاق التحسينات، لكون الإجازات تتيح متّسعاً من الوقت يطول عن بقية أيام السنة، فالدراسة خلالها متوقفة، والموظفون يحرصون على أن تتوافق إجازاتهم مع الإجازة المدرسية. ومن الشكل الخارجي للمنزل المتعلّق بألوان جدرانه وأبوابه، إضافة إلى الأثاث الداخلي سواء في المجالس أم الغرف الداخلية، والديكورات والاكسسوارات الخاصة بكل غرفة... تكون عملية التجديد في شكل متفاوت. الاهتمام بتجديد غرفة المعيشة التي غالباً ما يقيم فيها أفراد الأسرة وحدهم، لا يكون كالاهتمام به حينما يكون التجديد لغرفة الضيافة، لا سيما أن التجديد في حالات كثيرة يتم لأجل الضيوف. ويحل الأثاث القديم محل الأثاث المستعمل الذي بات يشكّل عنصراً تجارياً قوياً، أو يتم التبرّع به لجمعيات خيرية. ولا يقتصر التغيير في المنزل على الأثاث والديكور والألوان، وإنما يمتدّ الى الأجهزة الإلكترونية ذات الاستخدام العام أو المنفرد، بصرف النظر عن كونها قد تضررت أو طال عمرها أو لا تزال في «عافيتها». التغيير حاصل لا محالة، فربّة منزل ترغب في تجربة أداة الغسيل الآلي والابتعاد عن اليدوي الذي تدّعي معاناتها منه، أو في شراء فرن كهربائي مثل الذي لدى جارتها، وترك فرن الغاز الذي سمعت أخيراً أنه «قد يشكّل خطراً على المنزل». وابنة سئمت من كومبيوترها المحمول الأسود، وبودّها استبداله بآخر زهري. وشقيقتها تريد التحوّل إلى فئة «آي فون» بعدما علِمت أن «بلاك بييري» مراقب. وابن على موعد مع بدء مجموعة من الدورات الكروية العالمية، يرى أن من الضروري اقتناء شاشة مسطحة ليستمتع بمشاهدة المباريات من خلالها، بدلاً من التلفزيون الكبير. وقد يُجمع أفراد الأسرة على تغيير السيارة الخاصة بالعائلة، في شكل سنوي. ويبدو أن من يقف وراء التجديد والتحسين هن نساء المنزل، إذ لا يكون للرجل دور بارز في هذا المجال، فمهمّته لا تتجاوز الموافقة التي يتخللها اعتراض «خجول» عابر على بعض الأمور، إضافة إلى تأمين المبلغ لسداد التكاليف. وأحياناً قليلة يقف على مراقبة سير العمل، ليبدأ بذلك مسلسل لا تُعرف نهايته... بطله مدة إنجاز العمل ومتاعب الإخلال بها ومماطلة العاملين. أم فارس تجد أن الرجل لا يُفترض به أن يتّخذ قراراً يتعلّق بتجميل المنزل وتجديده، معتبرة أن «الرجال لا يفقهون هذا الأمر». وتقول: «ذوقياً، أقوم بمشورة زوجي عندما أنوي إجراء تغيير ما في المنزل، ولكنني لا أضع رأيه في الحسبان. وتصرّفي هذا لا يعدو كونه بروتوكولاً أو لياقة اضطرارية. فزوجي لا يجيد اختيار الديكورات الحديثة أو الأثاث الراقي أو حتى الألوان المناسبة للمنزل. أعتقد أنها مهمّة تخصّ الزوجة، ويجب أن تلقى القبول من الزوج». وتعترف أم فارس بالاهتمام الكبير بالتجديد لأجل زوار المنزل، إذ لا تجد أن في ذلك ما يعيب، معتبرة أن «الإنسان في الوقت الحالي يعمل كما يحب غيره في معظم أحواله، كاختيار لباسه أو سيارته». ويشاطرها أبو فهد الرأي، إذ يرى أن «لكل من الزوجين دوره، وتحسين المنزل يخص الزوجة في الغالب»، ويضيف: «المنزل مكان تُعنى به المرأة أكثر من الرجل، فهي التي تقيم فيه مدة أطول، لذا من الطبيعي أن تكون هي القادرة على اختيار ما يتناسب معه. فالديكورات والأثاث والألوان تعتمد في شكل كبير على المرأة، ومن المعروف أن ذوق المرأة في هذه الأمور يفوق ذوق الرجل». إلا أن أبا فهد يتذمّر من الطلبات المتكررة والتغييرات المبالغ فيها التي تقوم بها زوجته، وتجعله مضطراً إلى الاقتراض احياناً، «... وإذا لم تجد ما يستحق التغيير طالبت بتغيير الإضاءة»، يقولها بحرقة. مرّ أقل من عامين على زواج عبير، عندما قامت بتغيير كبير في شقّتها الصغيرة خلال هذه الفترة القصيرة، إذ تعتبر نفسها إنسانة لا تحب الروتين، وتحرص على التنويع المستمر ليس على مستوى اللباس والشكل فحسب، بل أيضاً على مستوى الأثاث. وتقول: «ضرورة التغيير تتعلّق في شخصي فقط، فكوني لا أعمل وأجلس في المنزل الصغير معظم ساعات اليوم، أو كلها، اضطر إلى إحداث تغيير ما في الصالة أو غرفة النوم، أو حتى في المطبخ، ولا اهتم بإعجاب زواري بهذا التغيير، فالمهم أن أكون أنا معجبة به وراضية عنه».