اشتكى لي صديق مسلم من أميركا بعد أن وصل الى الرياض عن طريق جدة عما عاناه في رحلته، على رغم سعادته للقدوم للمرة الأولى لأداء العمرة في رمضان، وحكى لي أنه قدم على إحدى شركات الطيران الأجنبية ليصل إلى جدة، وبعد انتظار نحو عشر دقائق في الطائرة وصلت الباصات، لتقلهم إلى المطار بعد أن تكدسوا وقوفاً في باص ضاق بهم ذرعاً ومن دون أي تكييف، لأن المكيف كان معطلاً ليصلوا إلى الصالة ويقفوا في طوابير طويلة مع ركاب عدد من الرحلات انتظاراً للجوازات التي كانت تخدم القادمين عبر نافذتين فقط؛ نظراً إلى انشغال البعض الموجود منهم في الصالة بقراءة الصحف ومناقشة مباراة كرة قدم أقيمت يوم أمس. وعلى رغم الفكرة السلبية الأولى لصاحبنا الأميركي «العربي الأصل» عن السعودية التي تكونت من المطار، وهي الطريقة التي يقوم فيها الشخص بتكوين فكرته عن البلد الذي يزوره للمرة الأولى عادة، إلا أن فرحته بالقرب من الحرم المكي الشريف منحته مزيداً من الصبر. وتلافياً للإطالة سنمر سريعاً بقصة السائق الذي «اصطاده» من المطار ونال منه أجرته كاملة ثم قام بتعطيله لنحو الساعة بعد أن أقل معه ثلاثة أشخاص آخرين ليرافقوه إلى مكةالمكرمة. بعد قصة سائق الأجرة طيب الذكر واجه صديقنا معضلة حجزه المؤكد إلى الرياض التي سيعود منها إلى أميركا، إذ تم إلغاؤه من دون أي توضيحات، وهو ما جعلني أحاول مساعدته بالاتصال بكل من أعرف لإيجاد حجز مؤكد له إلى الرياض، خصوصاً في ظل استحالة إيجاد حجوزات في رمضان إلا ب «واسطة عليها الكلام»، كما هي الحال في معظم المواسم ومختلف أوقات العام. المهم أن صاحبنا سألني: هل تعرف كم كلفكم إنشاء مطار جدة؟ فضحكت وقلت: حفاظاً على صحتنا لا نريد أن نعرف، فرد: لماذا لا يوجد احترام كامل للمسافر وتقديم خدمات في حدها الأدنى على الأقل؟ فضحكت وفضلت الصمت ليواصل: ألم تشاهد مطار دبي العالمي؟ دع مطار دبي فالفرق شاسع، شاهد مطار شرم الشيخ في مصر! ألم تجدوا وسيلة أفضل لنقل المسافرين الى الطائرة سوى تكديس الجميع في باصات وقوفاً وبأعداد كبيرة؟ صمت قليلاً ثم واصل بإحباط: توقعت أن يكون مطار جدة مختلفاً عما شاهدته! قاطعت غضبه «الغيور» وقلت مهدئاًً إن هناك تعديلات كبيرة سيتم إجراؤها على مطار جدة، وأن الوضع الذي وصلت إليه خطوطنا سيتغير، خصوصاً في ظل ثورة عالم النقل، والتنافس العالمي الشديد في تقديم الخدمات من شركات الطيران، والمطالبات المتكررة من الإعلام والعملاء لتغيير الحال. وأكدت له أن كل ذلك لا بد من أن يؤتي ثماره، على رغم قناعتي بأن «الطق في الميت حرام»، علماً بأن صاحبنا لا يعرف الكثير عن مشكلات الحجوزات المستمرة وصديقنا «أماديوس» الذي زاد الطين بلة، وربما لا يعرف أن هذه المشكلة هي طوال العام، على رغم أنك بعد أن تجد الحجز وتصعد إلى الطائرة تفاجأ بالكثير من المقاعد الخالية! [email protected]