وعد الرئيس السوداني عمر البشير بإجراء استفتاء تقرير مصير جنوب السودان في موعده المقرر في 9 كانون الثاني (يناير) المقبل، معتبراً أنه «المرحلة الأخطر في تاريخ البلاد». وقال إن حكومته ستطلق حملة «لتبصير المواطن الجنوبي بأهمية الوحدة» تنفيذاً لاتفاق السلام الذي ألزم الطرفين بالعمل على الوحدة. ودعا البشير لدى مخاطبته الإفطار السنوي الذي تقيمه الطائفة القبطية في الخرطوم، حكومة الجنوب إلى جعل الاستفتاء «حراً ونزيهاً». وقال: «نحن ملتزمون بتنفيذ اتفاق السلام الشامل وترجمة كل بنوده، وعلى رأسها الاستفتاء الذي سيجرى في موعده ... ونحن ندعو إلى أن يكون استفتاء حراً وشفافاً، وأن تتاح فيه الفرصة لسكان الجنوب للتصويت الحر والاختيار بين الوحدة أو الانفصال». ورأى أن استفتاء الجنوب «يمثل المرحلة الأخطر في تاريخ السودان السياسي». وأكد سعي حزبه «المؤتمر الوطني» إلى جعل الوحدة خياراً جاذباً. وقال: «ينص اتفاق السلام على أن يعمل الشريكان من أجل أن تكون الوحدة خياراً جاذباً وغالباً». وأعلن حملة سيقودها حزبه في جنوب السودان «للتبشير بخيار الوحدة وتبيين إيجابياتها وشرح مخاطر وسلبيات الانفصال». واضاف أن «هذا التحرك الذي سنقوم به هو حق لنا بموجب الاتفاق، ومن حق أي سوداني أن يتحرك في أي مكان من السودان الذي لا يزال متحداً وموحداً». وكانت مفوضية الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب باشرت مهماتها، بعد تسوية الخلاف في شأن من يتولى منصب الأمين العام. وأعلنت أنها ستبدأ قريباً في تسجيل الناخبين الذين يحق لهم الاقتراع في الاستفتاء. في نيويورك، دان مجلس الأمن أعمال العنف التي وقعت أخيراً في مخيم كلمة للنازحين في ولاية جنوب دارفور. وقال السفير الروسي فيتالي تشوركين الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للمجلس إن الدول ال 15 الأعضاء «دانت التحريض على أعمال العنف في المخيم ، ورحبت بجهود بعثة الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور لزيادة الدوريات في المخيم وإعادة الهدوء إليه». ونقل عن المجلس «التشديد على ضرورة نزع الأسلحة في هذا المخيم وفي المخيمات الأخرى في دارفور، وإدانة أي هجوم يتعرض له موظفو الإغاثة والأممالمتحدة في دارفور، والقلق العميق من موجة الخطف وأعمال التهريب والحؤول دون وصول العاملين في المجال الإنساني إلى مخيم كلمة»، مذكراً الحكومة والمتمردين «بواجباتهم ضمان فتح ممر إنساني من دون تأخير أو عقبات». أما سفير السودان لدى الأممالمتحدة دفع الله الحاج، فقال إن بلاده تدين أعمال العنف التي شهدها المخيم. وحمّل «خلايا مسلحة داخل المخيم تابعة لزعيم حركة تحرير السودان عبدالواحد نور» مسؤولية ما حدث. وأكد أن «الحكومة شرعت فعلياً في إعادة تنظيم مخيمات النازحين للحد من أية تفلتات أمنية محتملة من خلال نزع السلاح من المقيمين في المخيمات، وترحيله (مخيم كلمة) إلى منطقة بليل بحيث لا يكون مجاوراً لمناطق التماس والمرافق الحيوية». وهدد حاكم ولاية جنوب دارفور عبدالحميد موسى كاشا باقتحام مخيم كملة «في حال عدم تعاون البعثة الأممية - الأفريقية المشتركة» التي اتهمها ب «الفشل في الالتزام بوعدها تسليم المسؤولين عن أحداث العنف» التي شهدها المخيم أخيراً. وقال لدى اجتماعه مع ممثلي البعثة في نيالا أمس، إن «البعثة فشلت لأكثر من ثلاثة اسابيع في اتخاذ خطوة إلى الأمام لحل الأزمة أو تقديم المساعدة والتعاون مع الحكومة لإجلاء المخيم ونقله إلى مكان آخر»، متهماً عناصر من البعثة بأنهم «يحرضون النازحين الذين غادروا المخيم على العودة إليه وتهديد النازحين بعدم صرف الغذاء لهم فى حال خروجهم من المخيم لمنع ترحيله إلى موقع آخر». من جهة أخرى، شددت مصر على ضرورة إجراء استفتاء تقرير مصير جنوب السودان في موعده «بما يكفل للمواطن الجنوبي حرية الاختيار بمنأى عن أية ضغوط»، كما أعربت الجامعة العربية عن أملها في إجراء الاستفتاء في موعده. وجاء موقفا القاهرة والجامعة بعد لقاء وزير الدولة في وزارة الخارجية السودانية كمال حسن في القاهرة أمس وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط الذي أكد «أهمية اتفاق شريكي الحكم السوداني على منهج واضح يقود إلى إجراء الاستفتاء بشفافية ونزاهة وحرية في موعده، ويحدد معطيات ما بعد الاستفتاء». وطالب أبو الغيط ب «حسم القضايا الخلافية العالقة، وفي مقدمها ترسيم الحدود بين الطرفين، وتعيين الأمين العام لمفوضية الانتخابات، والاتفاق على استفتاء ابيي، وسبل تطبيق قانون المشورة الشعبية في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان». وشدد على «دعم مصر الكامل للسودان في مختلف المجالات ومساندتها للأطراف السودانية كافة للتوصل إلى توافق يضمن استقرار السودان وأمنه في المرحلة المقبلة». من جهته، قال مبعوث الجامعة العربية إلى السودان السفير صلاح حليمة إن «الجامعة تأمل في إجراء الاستفتاء في موعده، في جو من الشفافية والنزاهة على النحو الذى يحقق لأبناء الجنوب ممارسة حقهم». وأضاف: «سواء جاءت نتيجة الاستفتاء لمصلحة الوحدة أو غير الوحدة، فالأمر الذي تركز عليه الجامعة في هذه المرحلة أن تكون العلاقات بين الشمال والجنوب علاقات طبيعية وأن تتواصل العلاقات في المجالات كافة».