تتجه تركيا الى اجراء تغييرات كبيرة وجذرية في وثيقة الأمن القومي التي يتم على اساسها صوغ السياسات الخارجية والأمنية، اذ كشفت مصادر مقربة من «حزب العدالة والتنمية» الحاكم أن وزير الخارجية أحمد داود أوغلو طلب إجراء تغييرات كبيرة في الوثيقة التي كان العسكر يسيطرون سابقاً على صوغها وتحديد بنودها، كما يضغط الحزب الحاكم من أجل تغيير مفهوم الخطر الداخلي، من أجل استثناء الجماعات الاسلامية من هذه الدائرة. وفي ما يتعلق بالسياسة الخارجية، يسعى داود أوغلو الى تطبيق سياسته المعروفة ب «صفر مشاكل» مع البلدان المجاورة، من خلال اخراج 4 دول هي اليونان وإيران وروسيا والعراق من تصنيف الدول الاعداء، والتي تشكل تهديداً على الأمن القومي التركي. وفي ما يتعلق بإيران، كان مجلس الامن القومي أضاف عام 2005 خطر امتلاكها الاسلحة النووية وتصنيعها صاروخ «شهاب» الذي يصل مداه الى اسطنبول، الى لائحة المخاطر التي تشكّلها طهران على أنقرة، اضافة الى النظام الديني ومحاولة تصدير الثورة. لكن الوثيقة الجديدة تعتبر ايران دولة جارة وصديقة وهدفاً لتوسيع التعاون الاقتصادي، ولا تشير الى موضوع تصدير الثورة أو العداء التاريخي. لكن مصادر في الحزب الحاكم قالت ل «الحياة» إن الوثيقة قد تحمل اشارات الى خطر امتلاك ايران سلاحاً نووياً، بصفته تهديداً ليس لتركيا فقط، بل للمنطقة بأسرها، وأن القلق من الصواريخ الايرانية بعيدة المدى سيبقى قائماً في الوثيقة. كما كانت وثيقة الامن القومي ألغت عام 2005 فقرة تعتبر رفع اليونان حدودها البحرية الى 12 ميلاً، إعلان حرب. وفي الوثيقة الجديدة، توصف اليونان بالجارة الصديقة، لكن المصادر رفضت الإفصاح عن الجانب المتعلق باليونان في الوثيقة، في ما يتعلق بالقضية القبرصية. كما تعتبر الوثيقة الجديدةروسيا والعراق شريكين اقتصاديين استراتيجيين، وتحصر الخطر في وجود عناصر «حزب العمال الكردستاني» في شمال العراق، لكنها تؤكد على حسن العلاقة وتطويرها مع بغداد. كما تشمل الوثيقة للمرة الاولى الاهداف الاستراتيجية لتركيا على صعيد السياسة الخارجية، باعتبارها جزءاً من الامن القومي، مذكّرة بأن هدف تركيا هو أن تكون القوة الصاعدة الأكبر سياسياً واقتصادياً في المنطقة. ويقوم مجلس الامن القومي، بجناحية العسكري والسياسي، بإعادة النظر في وثيقة الامن القومي مرة كل 5 سنوات. وفيما كان رأي الجناح العسكري يطغى على صوغها، نظراً الى اعتبارات انضمام تركيا الى حلف شمال الاطلسي، فإن حكومة «حزب العدالة والتنمية» بدأت تضع ثقلها في الامر منذ عام 2005. ومن المتوقع أن تصدر الوثيقة الجديدة عن اجتماع مجلس الامن القومي في تشرين الاول (اكتوبر) المقبل.