حذرت الجهات المختصة في السعودية من جلد المصابين بفيروس «الإيدز» الذين صدرت بحقهم أحكام شرعية في قضايا مختلفة ويقضون عقوبات السجن في داخل العنابر المخصصة لهم. وأوضح مصدر مطلع ل«الحياة» أن قراراً بالمنع صدر للجهات الشرعية القائمة على تنفيذ الأحكام الشرعية في ما يتعلق بالجلد، تضمن عدم جلد المصابين ببعض الأمراض أبرزها الإيدز، مؤكداً أن المصابين بالإيدز الذين يقدمون تقارير طبية تتم إعادة ملف قضيتهم إلى ناظر القضية في المحكمة للنظر فيها وإصدار القرار الشرعي بشأنها. من جهة أخرى، بدأت لجان تنفيذ أحكام الجلد في محافظة جدة باعتماد التوقيت الرسمي لتنفيذ أحكام الجلد الشرعية أمام المجمعات التجارية وعدد من الأسواق، إذ تم اعتماد موعد الجلد بعد صلاة العشاء والتراويح. وفي هذا الصدد، قال المحامي والمستشار القانوني أحمد جمعان المالكي: «المعروف طبياً، أن الإنسان المصاب بفيروس الإيدز يصاب بنوع من العوز المناعي (أي نقص شديد في عناصر المناعة) ينجم عنه عجز عن مقاومة سائر أنواع الجراثيم، وعقوبة الجلد في الفقه الإسلامي هدفها إيلام الجاني وردعه وليس القضاء عليه أو إزهاق روحه أو إحداث عاهة له أو تشوه أو قطع جِلدِه». وأشار إلى أن عرض المحكوم عليه بالجلد المصاب بمرض الإيدز من قبل الجهات التنفيذية على القضاء أمر متفق مع قواعد الفقه الإسلامي في عقوبة الجلد. وأضاف المحامي المالكي: بالنسبة لوقت الجلد فقد صدر أمر سام بتعليق وقت الجلد جاء فيه، (ينفذ الجلد فور ورود المعاملة بعد اكتساب الحكم الصفة القطعية وصدور الأمر بالتنفيذ، ويتم التنفيذ أثناء الدوام الرسمي ويستثنى من ذلك عدم جلد المسلم في نهار رمضان بل ينفذ بعد صلاة التراويح). من جهته، أوضح المستشار القانوني وعضو هيئة التحقيق والادعاء العام سابقاً إبراهيم الأبادي أن عقوبة الجلد تكون بضرب المحكوم عليه بسوط لا ثمرة فيه، لا بالشديد ولا باللين، ضربًا متوسطًا. وأضاف في حديثه إلى «الحياة» أن عقوبة الجلد متى حكم بها أصبحت واجبة النفاذ، لكن قد يظهر عند التنفيذ مانع يمنع تنفيذه موقتًا، فيتأجل إلى حين زوال هذا المانع، أو يمنع من التنفيذ نهائيًّا فتسقط العقوبة، وذلك لأن التنفيذ مع وجود هذه الموانع يتنافى مع طبيعة العقوبة والغرض منها، خصوصاً في حال كان المحكوم عليه امرأة وكانت حاملاً، ففي التنفيذ عليها ضياع لما في بطنها، ولا جناية له، أو يؤدي إلى هلاك الجاني المحكوم عليه بغير حق، كما لو كان مريضًا أو كان الزمان زمان حر أو برد شديدين. ولفت إلى أن هناك موانع موقتة تمنع تنفيذ الجلد هي التي يترتب على وجود أي منها تأجيل التنفيذ موقتًا إلى حين زوال المانع، وهي الحمل، وطروء الجنون على المحكوم عليه، والمرض، والحر والبرد الشديدان. وفي السياق ذاته، أشار إلى أن المرض مانع يمنع من التنفيذ في عقوبة القطع، وكذلك عقوبة الجلد حدًّا إذا كان المريض يرجى زوال مرضه عند جمهور الفقهاء، ويتأجل التنفيذ إلى حين زوال المرض، وكذلك الأمر لو كان الجلد تعزيرًا من باب أولى، فإذا كان المحكوم عليه بالجلد تعزيرًا مريضًا؛ فإنه لا يجوز تنفيذ الجلد عليه حتى يبرأ، لأن الجلد في هذه الحال قد يؤدي إلى هلاك المجلود بغير حق أو يعين على قتله، وهو غير المستحق، إذ إن المستحق هو جلده تأديبًا لا قتله. وعلى هذا الصعيد، قال الأبادي: «إن المبدأ العام في العقوبات التعزيرية هو أن تكون العقوبة مناسبة لحال الجاني، وعلى القاضي تأجيله حتى يبرأ، كما يجوز له أن يستبدل به عقوبة أخرى، ملمحاً إلى أنه في حال كان المحكوم عليه مريضًا مرضًا لا يرجى زواله، فللحاكم أن يستوفيه بوسيلة مناسبة لمرضه كما في الحدود، كما أن له أن يستبدل به عقوبة أخرى، كما هو المبدأ العام في العقوبات التعزيرية فهي تختلف باختلاف الجريمة وحال المجرم. وشدد أنه لا بد من تقرير الطبيب المختص وهل يستطيع المحكوم تحمل الجلد أم لا فإذا أصدر الطبيب تقريره بعدم قدرته على تحمل الجلد فإنه لا يجوز لا شرعاً ولا نظاماً إقامة حكم الجلد على المتهم. وحول تحديد الجلد خلال شهر رمضان في المساء، أوضح أن ولي الأمر مخول في مثل هذه الأمور من خلال النظر في تحقيق المصلحة الاجتماعية للردع والزجر. يذكر أن آخر إحصاء لوزارة الصحة عن أعداد مرضى الإيدز في السعودية كشف بلوغ حالات الإيدز المكتشفة منذ عام 1984وحتى نهاية 2009 ما عدده 15,213 حالة منها 4,019 سعودياً و 11,194 غير سعودي ، وأبرز الإحصاء الصادر عن وكالة الوزارة للطب الوقائي اكتشاف 1,287 حالة جديدة عام 2009، منها 481 سعودياً و806 غير سعوديين، كما بلغت نسبة الرجال إلى النساء وسط السعوديين في الحالات المكتشفة عام 2009 نسبة 4 إلى 1 تقريباً.