وجه الرئيس الفلسطيني محمود عباس امس رسائل الى أطراف اللجنة الرباعية الدولية هدد فيها بوقف المفاوضات في حال استأنفت اسرائيل طرح عطاءات بناء استيطانية جديدة في الاراضي الفلسطينية. وقال صائب عريقات، رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، ان الرئيس عباس حدد في رسالته هذه أسس نجاح المفاوضات التي ستنطلق في واشنطن مطلع الشهر المقبل، وفي مقدمتها وقف الاستيطان في شكل كامل، وعدم طرح عطاءات بناء استيطانية جديدة. واضاف «ابلغ الرئيس عباس الاطراف الدولية انه في حال طرحت الحكومة الاسرائيلية عطاءت بناء جديدة في السادس والعشرين من الشهر المقبل، وهو موعد انتهاء التجميد الجزئي والموقت للاستيطان في الضفة الغربية، فإن الفلسطينيين لن يتمكنوا من مواصلة التفاوض مع حكومة نتانياهو». ودعا اسرائيل الى ان تختار بين السلام والاستيطان، موضحاً ان عباس ابلغ الاميركيين وكل الاطراف العربية والدولية بهذا الموقف وهو «انه لن تكون مفاوضات مع الاستيطان». وكانت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية قررت في وقت متأخر ليل أول من أمس الموافقة على الدعوة التي وجهتها اللجنة الرباعية الدولية الى الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي بإعادة اطلاق المفاوضات المباشرة. وشهدت اجتماعات اللجنة التي تواصلت على مدى ثلاث ساعات ونصف الساعة جدلا واسعاً حول فرص نجاح هذه المفاوضات، وفرص فشلها، والمكاسب التي يحققها الفلسطينيون بذهابهم الى المفاوضات، والخسائر المترتبة عليهم في حال المقاطعة. وقال اعضاء في اللجنة التنفيذية ان «أبو مازن» عرض عليهم حصيلة الاتصالات التي جرت مع المبعوثين الاميركيين جورج ميتشل ومساعده ديفد هيل في الاشهر والاسابيع الاخيرة، وأضافوا ان الرئيس ابلغهم بأنه لم يتوقع ان تستجيب الادارة الأميركية لكل شروطه لكنها استجابت للحد الأدنى منها. وقال عزام الاحمد رئيس كتلة «فتح» البرلمانية ل «الحياة» إن اللجنة المركزية لحركة «فتح» درست بيان «اللجنة الرباعية» قبل يوم من اعلانه، ووافقت عليه بعد ان وجدته يتناسب والحد الادنى من مطالبها، خصوصاً تأكيدها على مرجعيات عملية السلام ووقف الاستيطان واعادة تأكيدها على بياناتها السابقة التي طالبت فيها بوقف الاستيطان، واعتبرت ان الهدف من عملية السلام هو انهاء الاحتلال الاسرائيلي الذي بدأ عام 1967. وابلغ عباس اعضاء اللجنة ان الجانب الاميركي ابلغه بأنه سيلعب دوراً فاعلاً في المفاوضات، وان مشاركته مهمة للجانب الفلسطيني لأنه ملتزم بالهدف النهائي من عملية التفاوض وهو التوصل الى اتفاق لإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران (يونيو) عام 67. واعتبر عباس الرسائل الثلاث التي تلقاها من الرئيس باراك اوباما «تطمينات مناسبة» وأبلغ اعضاء اللجنة بأن ذهابه الى المفاوضات المباشرة لن يخسره شيئاً لكن مقاطعته لها ستلحق بالفلسطينيين افدح الأضرار. كما أكد عباس أمام اعضاء اللجنة انه سيوقف المفاوضات فوراً في حال اعلنت اسرائيل استئناف طرح عطاءات بناء استيطان جديدة. وحمل مسؤولون في حركة «فتح» على وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون والمبعوث الاميركي لعملية السلام جورج ميتشل لادلائهما بتصريحات قالا انها تتناقص مع بيان «اللجنة الرباعية». وقال عزام الاحمد: «نحن لن نتعامل مع تصريحات كلينتون وميتشل اللذين هدفا من ورائها إرضاء غرور رئيس الوزراء الاسرائيلي». واضاف «نحن نتعامل فقط مع بيان اللجنة الرباعية الذي نعتبره اساساً للمفاوضات». بدوره، قال الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل ابو ردينه ان «القرار الفلسطيني واضح. نحن ذاهبون الى المفاوضات على اساس بيان الرباعية وبخاصة الفقرات التي تنص على انهاء الاحتلال واقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس». يذكر ان بيان «الرباعية» الذي صدر أول من أمس أكد مضمون بياناته السابقة، خصوصاً البيان الذي صدر في آذار (مارس) الماضي في موسكو وينص على مطالبة اسرائيل بتجميد جميع النشاطات الاستيطانية. وعلى رغم ذلك دعت وزيرة الخارجية الاميركية الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي الى استئناف المفاوضات المباشرة من دون شروط مسبقة، ومن دون ان تذكر تجميد الاستيطان، الأمر الذي رحب به نتانياهو مكرراً طلبه بضرورة عدم وجود شروط مسبقة لاستئناف المفاوضات المباشرة. ويرى مراقبون فلسطينيون ان فرص نجاح المفاوضات المقبلة قريبة من الصفر بسبب المواقف المتشددة لحكومة اليمين والوسط في اسرائيل. وقال جورج جقمان مدير مؤسسة «مواطن للدراسات والابحاث» في رام الله ل «الحياة» ان فرص نجاح هذه المفاوضات ضيئلة. واضاف ان «الحكومة الاسرائيلية الحالية تضم تسعة وزراء مستوطنين، ورفضت على الدوام وقف الاستيطان او وضع جدول ومرجعية للمفاوضات حول حدود عام 67». ويرى جقمان ان هذه المفاوضات ستكون «لتعبئة الفراغ السياسي وادارة الصراع وليس للتوصل الى حل سياسي». ويقول مسؤولون في حركة «فتح» انهم اصيبوا بخيبة امل من ادارة اوباما التي بدأت جهودها في عملية السلام بالضغط على اسرائيل لوقف الاستيطان، لكنها تراجعت امام التعنت الاسرائيلي وقبلت الذهاب الى مفاوضات غير مباشرة من دون وقف الاستيطان ثم الانتقال الى مفاوضات مباشرة على رغم عدم حدوث تقدم في المفاوضات المباشرة. ويبدي كثير من الفلسطينيين خشيتهم من ان ترضخ القيادة الفلسطينية لضغوط مستقبلية في شأن الحل السياسي بعد ان خضعت لضغوط من اجل الذهاب الى المفاوضات. لكن الرئيس عباس اعتبر ان رسائل اوباما الثلاث التي وصلته تشكل تطمينات له بعدم التعرض لضغوط. وقال عزام الاحمد ان ميتشل ابلغ الرئيس عباس في آخر لقاء لهما ان الادارة الاميركية ستتفهم موقفه ان هو اوقف المفاوضات في حال استأنفت اسرائيل طرح عطاءات للبناء الاستيطاني.