ثلاثة نماذج من الكونغرس الأميركي: النائب هوارد بيرمان، وهو ديموقراطي من كاليفورنيا يرأس لجنة الشؤون الخارجية، أعلن وقف جميع المساعدات العسكرية للبنان بعد حادث الثالث من هذا الشهر الذي قتل فيه ضابط اسرائيلي مع ثلاثة عسكريين لبنانيين ومدني. النائبة (أو المصيبة كما أنها عضو في الكونغرس) ايلينا روس - ليتنن، وهي جمهورية من فلوريدا، قالت: «أصبح واضحاً ان المساعدة للبنان لم تفد المصالح الأمنية الوطنية الأميركية». النائب اريك كانتور، وهو جمهوري من فرجينيا قال إن الولاياتالمتحدة غضّت النظر طويلاً «فيما الخطوط بين حزب الله والجيش اللبناني والحكومة أصبحت مشوشة (غير واضحة)». النواب الثلاثة من اليهود الأميركيين الليكوديين الذين يقدمون مصلحة اسرائيل على المصالح الأميركية نفسها. وأقول لبيرمان انه لم يتخذ قراراً ضد اسرائيل عندما قتلت جرافة اسرائيلية بشكل وحشي المواطنة الأميركية راشيل كوري، داعية السلام، وإنما تحرك انتصاراً لجندي عمله أن يَقتُل أو يُقتَل. وأقول لليتنن إن كل تصويت لها في الكونغرس كان ضد المصالح الأمنية الوطنية الأميركية، لأن تأييدها الأعمى لإسرائيل يستعدي 1.2 بليون مسلم على بلدها، ويعطي الإرهابيين العذر لممارسة الإرهاب. وأقول للنائب كانتور إن حزب الله من لبنان، وله من يؤيده ومن يعارضه من أهل البلد، أما اسرائيل فدخيلة على المنطقة، وموقفه الدائم تأييداً لها يضر بمصالح «بلاده» ويعرّض أرواح الأميركيين في الخارج للخطر. هناك عشرات في الكونغرس، بل مئات، من نوع الفرسان الثلاثة الذين قد أزيد عليهم فارساً رابعاً من خارج الكونغرس، هو الناطق باسم وزارة الخارجية فيليب كراولي الذي ثار بعد أن عرضت إيران أن تحل محل الولاياتالمتحدة في تقديم المساعدات العسكرية للبنان، وقال إن العرض الإيراني سيضر، أو يضعف أو يهدد، السيادة اللبنانية. أقول لكراولي ان ما يضر هذه السيادة أكثر كثيراً هو أن تعطي الولاياتالمتحدة اسرائيل أسلحة متطورة كل سنة بأكثر من ثلاثة بلايين دولار، وهي تحتل أراضي الفلسطينيين وتقتل وتدمر وتسرق البيوت. وهذا من دون أن ننسى الضرر الأكبر على دافع الضرائب الأميركي، وإسرائيل تتلقى كل سنة أكثر من عشرة بلايين دولار من المساعدات الأميركية المباشرة وغير المباشرة، مع انها تمثل أكبر خطر على المصالح الخارجية الحيوية للولايات المتحدة. بصفتي مواطناً لبنانياً، لا أريد مساعدة إيرانية بل أرفضها، وأزيد أنني لا أصدق العرض أصلاً، فالمقصود هو كسب شعبية رخيصة فيما أي تأييد من أميركا لإسرائيل يعني خسارة لها بين العرب والمسلمين. وأعلن بصفة المواطنة السابقة انني أؤيد حزب الله ضد اسرائيل، من دون تحفظ أو سؤال، ثم أعترض على بعض ممارساته الداخلية، وقد انتقدت في هذه الزاوية استعماله السلاح داخل بيروت في 7 أيار (مايو) قبل سنتين، ولا أزال عند موقفي. بيرمان أعلن وقف المساعدة العسكرية للبنان في التاسع من هذا الشهر، وهو اليوم الذي تحدث فيه السيد حسن نصرالله متهماً اسرائيل بقتل الرئيس رفيق الحريري، وأنا شخصياً لا أصدق التهمة وإنما أقول «يا ليت»، وأبدي استعدادي لنذر النذور حتى إثبات التهمة على إسرائيل. ولا أزال حتى اليوم أقرأ تعليقات اسرائيلية من نوع الفجور الاميركي في التعامل مع حادث الحدود بين القوات اللبنانية والاسرائيلية، واغتيال رفيق الحريري. باختصار، الصحافة الاسرائيلية قررت ان لحزب الله علاقة بحادث الحدود، ولا دليل إطلاقاً على أي علاقة له، حتى أن القوات الدولية التي أيدت الرواية الاسرائيلية ضد الجيش اللبناني لم تتهمه بشيء. والصحافة الاسرائيلية قررت أيضاً أن حزب الله وراء اغتيال الحريري، بعد أن كانت على مدى أربع سنوات بعد الاغتيال في شباط (فبراير) 2005 أصرت على أن سورية اغتالت رئيس وزراء لبنان. الصحافة الاسرائيلية تكذب على نفسها وعلى الناس، والسبب خوف اسرائيل من حزب الله. فأي حرب مقبلة مع إيران ستعني حرباً مع حزب الله، وهذا يملك صواريخ يقال انها عشرة آلاف، ولا استغرب أن تكون 20 ألفاً، وهي على حدود اسرائيل ولا سبيل لاعتراضها، ما يعني أن يكون الدمار على أيدي العدو القريب لا إيران البعيدة. أتهم النواب الأميركيين والمتطرفين الاسرائيليين بأنهم أعداء اسرائيل، كما انهم أعداء العرب والمسلمين، أحذرهم من أنهم يحفرون قبر اسرائيل بأيديهم، فهم لن يفرضوها على 300 مليون عربي و1.2 بليون مسلم، وإذا لم يعملوا لحل سلمي يحصل فيه الفلسطينيون على 22 في المئة من فلسطين، فسيأتي يوم تتعرض فيه اسرائيل لإرهاب بأسلحة دمار شامل، ليس مصدرها ايران، وسندفع جميعاً ثمن التطرف. ليس في الأمر سرّ أو سحر، وثمة سباق بين حل سلمي وإرهاب نووي، ومن يعش يرَ. [email protected]