لا تخفي مصادر وزارية ونيابية قلقها من احتمال تعاظم موجة الاحتجاجات الشعبية على انقطاع التيار الكهربائي، المتزامن مع موجة الحر غير المسبوقة، وتأثيره السلبي على أجواء التهدئة والاستقرار العام الذي بدأ ينعم به لبنان منذ انعقاد القمة اللبنانية – السعودية – السورية التي انسحبت مفاعيلها الإيجابية على المؤسسات الدستورية، على رغم لجوء البعض الى التشويش على نتائجها. وترى هذه المصادر ان عمليات التشويش لها أسباب خاصة، ولا تمت بصلة الى الموقف السوري الذي عبر عنه أخيراً عدد من زوار دمشق، نقلاً عن كبار المسؤولين السوريين الذين يتحدثون بارتياح عن التفاهم – السوري – السعودي، وعن استجابة معظم الأطراف اللبنانيين لمفاعيله وأبرزها ترسيخ التهدئة وتكثيف الحوار الداخلي، مؤكدين في الوقت نفسه ان لا علاقة لهم بالإيحاءات التي يطلقها من حين الى آخر بعض زوار العاصمة السورية من اللبنانيين والتي يراد منها العودة بالبلد الى الوراء. وكشفت المصادر نفسها ل «الحياة» ان المواقف المتشنجة التي تصدر من بعض الأطراف اللبنانيين من حلفاء دمشق لا تمت بصلة الى روحية الموقف السوري باعتبارها غير موجودة في أذهان كبار المسؤولين السوريين، ولا تعبر عن رأي القيادة السورية لا سيما في شأن الحديث عن احتمال تغيير الحكومة اللبنانية الحالية. ولفتت الى أن ما يهم القيادة السورية هو الحفاظ على الاستقرار ودعم الجهود الآيلة الى تفاهم اللبنانيين على إيجاد الحلول لمشكلاتهم، أكانت اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية، وأن ما ينسب الى المسؤولين السوريين خلافاً لذلك يعبر عن رغبات بعض الأطراف المحليين الذين ما زالوا يروجون لقدرتهم على تغيير قواعد اللعبة، مشيرة الى تمسك دمشق بالتفاهم السعودي – السوري الداعم للحكومة برئاسة الرئيس سعد الحريري وإلى أن أي موقف مضاد يلزم أصحابه الذين يشيعونه بغية إرباك الوضع الداخلي. وسألت المصادر إذا كانت هناك من «قطبة مخفية» وراء «تعميم» الاحتجاجات على استمرار انقطاع التيار الكهربائي بعد أن أخذت تنتقل من منطقة الى أخرى، وإن كانت غير متضررة، من دون إعفاء مجلس الوزراء مجتمعاً من مسؤولية عدم ابتداع الحلول الآنية التي تدفع باتجاه رفع مستوى التغذية بالتيار. وأكدت هذه المصادر ان الحكومة لا تتهرب من مسؤوليتها في هذا الخصوص وهي كانت أدركت أن البلد سيواجه مشكلة كبيرة بسبب تدني التغذية في التيار الكهربائي، خصوصاً ان هذه التغذية تخضع لاعتبارات انتقائية تتجاوز بيروت الى عدد من المناطق وبالتالي سارعت الى تخصيص بليون دولار في مشروع الموازنة للعام الحالي لإعادة تأهيل قطاع الكهرباء الذي ينتظر إقرار الموازنة. كما تبنت خطة وزير الطاقة لتأهيل القطاع. عتاب ورأت المصادر الوزراية والنيابية ان للاستقرار الاجتماعي والاقتصادي دوراً فاعلاً في تثبيت التهدئة والاستقرار وهذا يستدعي من الحكومة، من خلال وزارة الطاقة، توفير الحلول الآنية بدلاً من تحميل الوزير جبران باسيل المسؤولية للحكومة وكأنه ليس عضواً فيها أو وزيراً للطاقة، وهذا ما دفع الحريري الى معاتبته في الجلسة الأخيرة على خلفية مواقف صادرة عنه اعتبرها بعض الوزراء تسهم في «كهربة» الأجواء بدلاً من البحث عن حلول سريعة لأزمة الكهرباء. ولعل الإيحاءات التي أطلقها باسيل في مؤتمره الصحافي أول من أمس كانت موضع انتقاد من وزراء ونواب، ما اضطر رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى الطلب من معاونه السياسي النائب في حركة «أمل» علي حسن خليل، الاتصال بباسيل ولفت نظره الى أن، بعض ما قاله في شأن انقطاع التيار والتعديات ودفع الفواتير مستهجن وليس في محله «لأننا ضد تطييف الحركة الاحتجاجية وردود الفعل عليها». وفي هذا السياق علمت «الحياة» ان بري طلب من خليل لفت نظر باسيل الى أنه سمع شخصياً ما قاله الأخير من خلال إحدى الإذاعات وهو في طريق عودته من بيت الدين حيث شارك في جلسة الحوار الى بيروت، وإلا لما كان صدّق ان يصدر عنه هذا الكلام لو أن أحداً، نقله اليه أو أعلمه به. كما ان بعض الأطراف في المعارضة سابقاً وفي قوى 14 آذار أبدو ملاحظات على أداء باسيل لقطاع الكهرباء، معتبرين انه يريد ان يديره بمفرده. ونقلت المصادر عن قيادي بارز في المعارضة سابقاً قوله ان مجلس النواب كان أصدر قانوناً بمنع المخالفات ووقف التعديات على التيار الكهربائي وان أحداً لا يبرر ما يحصل الآن لكن مؤسسة كهرباء لبنان تتحمل مسؤولية عدم الاستجابة لطلبات الألوف من المواطنين للحصول على عدادات تتيح لهم الإفادة من التغذية بالتيار الكهربائي بصورة شرعية. وأضاف القيادي «ان أحداً لا يغطي التعديات لكن من المسؤول عن عدم توفير البدائل التي لا تتأمن بتحاليل مستهجنة لباسيل كانت موضع انتقاد واستغراب؟». كما سأل هذا القيادي عن الأسباب التي تمنع عدم التواصل مع شركات عالمية أبدت استعدادها للعمل من أجل إصلاح قطاع الكهرباء؟ وقال: «هل تحل بالجولة التي قام بها باسيل في إحدى البواخر التركية التي أبدت استعدادها لتزويد لبنان بالنقص الذي يعانيه والذي أدى الى تراجع ساعات التغذية بالتيار، خصوصاً ان الأعطال في الشبكات وفي محطات إيصال التيار هي في حاجة ماسة الى الإصلاح ليكون في وسع لبنان الإفادة من العروض التي تقدمت بها الباخرة التركية لتزويد لبنان بالطاقة إضافة الى عدم ملء الشواغر في الوزارة ومؤسسة كهرباء لبنان التي تجاوزت الستين في المئة». وانتهت المصادر الى القول ان أحداً لا يحمل باسيل مسؤولية التدني في ساعات التغذية بالتيار الكهربائي. لكن المشكلة تكمن في أنه يصر على أن يوجد الحلول بمفرده ويبقى على اللبنانيين المتضررين من سوء خدمات القطاع الكهربائي ان ينتظروا ما ستؤول اليه الدراسات في هذا المجال.