رداً على ما نُشر في «الحياة»، العدد «17285»، بتاريخ «20 شعبان 1431ه»، (1 آب/ أغسطس 2010)، تحت عنوان «فقدان الأهلية»، للكاتبة سوزان المشهدي. طالعتنا الكاتبة سوزان المشهدي على إحدى صفحات هذه الصحيفة الغراء بمقال ذي أهمية ومعالجة موضوعية، تحت عنوان «فقدان الأهلية»، فلا غرابة أن يتضمن المقال تعاطفاً مع فتاة اليوم ومناصرة لها، فمن بين سطوره استياء وتعسف من الكاتبة لما ينال بنات جنسها من تهميش ووصاية غير مبررة لبعض مطالبهن ورغباتهن المشروعة، مثل الالتحاق بالأندية والندوات الثقافية والمراكز الصحية، وغير ذلك من أنشطة وبرامج أصبحن في حاجة لها لزيادة معرفتهن وتنمية قدراتهن، ومن ثم مواكبة العصر الذي هن جزء منه، عصر العلم والتقنية. المقال الذي كتبته سوزان المشهدي عاد بالذاكرة إلى فترتي الخمسينات والستينات، إذ كان تعليم الفتاة في تلك الحقبة يتناول في نطاق ضيق لا يتعدى الكتّاب، وكتاّب المرحومة المعلمة «سلامة» كان له طابع مميز لنوعية الملتحقات فيه، وزوجتي إحداهن، وكانت المعلمة سلامة تقوم بإعطاء الدروس للفتيات في حجرة من حجرات دارها، وكان إقبال الفتيات على تلك «الكتاتيب» كبيراً وفي تزايد مستمر، فازدادت تبعاً لذلك الكتاتيب وأنشئت بجانبها مدارس بنات خاصة، على غرار دار «الحنان» في جدة، ودار «الفتيات» وغيرهما، عند ذلك رأت الدولة أن الأرضية متاحة لدعم الفتاة وإتاحة مجال التعليم لها، فكانت البداية في تأسيس مدارس ابتدائية للبنات وتخصيص جهاز إداري يديرها. تستحضرني في ذلك مواقف ظهرت على السطح عند بداية ظهور مدارس البنات، فكانت هناك مواقف إيجابية تؤيد تعليم الفتاة وأخرى معارضة تعارضه، واحتدمت تلك المواقف فكانت تطرح على صفحات صحف تلك الفترة، فكان كل يدلو بدلوه، وأوشك المجتمع أن يدخل في دوامة انتقادات عشوائية وغير منهجية، ولكن إقبال الفتاة على التعليم بأعداد كبيرة أجهض تلك المداخلات. عملت الدولة بالتالي على توسيع دائرة تعليم الفتيات، فتم تأسيس مدارس متوسطة وأخرى ثانوية. ولم تكتفِ الفتاة بهذا المستوى من التعليم، بل تطلعت إلى أكثر من ذلك حباً في العلم وزيادة في المعرفة، وتشجيعاً من الدولة ومؤازرةّ لها عملت على تأسيس كليات معلمات وفصول دراسية في الجامعات في معظم تخصصاتها، أسوة بزملائها من الذكور. وقد أثبتت الفتاة قدرتها على فهم واستيعاب كل ما هو متاح لزميلها من معرفة واطلاع، وها هي الآن عنصر داعم وفعال في خطط الدولة ونهجها. أعود وأكرر القول إن مقال سوزان يعتبر نوراً من نور، مع تحفظ بسيط على دعوتها لزميلاتها برفض ما يطلب منهن في ما يخص موافقة ولي الأمر، فالوقت ليس مناسباً، والأرضية غير مهيأة، وعليهن جميعاً لتحقيق الذات العمل في صبر وتنمية قدرات... إنني فخور بالكاتبة سوزان وفخور بمواضيعها، وفخور ببناتي وهن داخل فصول الدراسة بين طالباتهن، وبحفيداتي الطبيبات منهن والمعيدات، وفخور بكل فتاة تماثلهن. [email protected]