لا تزال تصريحات رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي، التي دعا فيها الى الانتقال من «الائتلافات الطائفية الى الائتلافات الوطنية» ووصفه نظام المحاصصة المعمول به حالياً ب «الكارثة» موضع جدل بين الاطراف السياسية. وفيما رحبت بعض الكتل بالتوجه الجديد نحو «نبذ الطائفية» رأت اخرى ضرورة التمسك بمبدأ «التوافق» في حكم البلاد. وكان المالكي اطلق سلسلة من التصريحات الساخنة استعداداً، للانتخابات التشريعية في شباط (فبراير) المقبل، ابرزها دعوته الى اعتماد النظام الرئاسي بدلاً من البرلماني، وتعديل الدستور على هذا الاساس، الأمر الذي أثار انتقادات من بعض الاطراف ابرزها «جبهة التوافق» (السنية). وأوضح الناطق باسم الحكومة علي الدباغ امس ان رئيس الوزراء «لم يطالب بإجراء اي تغيير دستوري بخصوص النظام الرئاسي». وأكد في تصريح صحافي «التزام الحكومة العراقية الدستور» الذي ينص على ان النظام العراقي برلماني دستوري وأكد ان «المالكي كان يعبر عن رأيه الشخصي في المفاضلة بين النظامين في ان يكون اختيار رئيس الجمهورية من قبل الشعب مباشرة وليس من قبل الكتل السياسية». ورحب رئيس «جبهة الحوار الوطني» صالح المطلك بالدعوات الى نبذ المشروع الطائفي، الا انه عبر عن اعتقاده بأن معظم تلك الدعوات لا يعدو كونه «شعارات انتخابية». وقال المطلك ل «الحياة»: «بدأنا نسمع اليوم الكثير من الشعارات الوطنية الداعية الى الانتقال بالعملية السياسية من المرحلة الحالية التي اتسمت بالطائفية والمحاصصة، لكننا نعتقد ان البلاد تحتاج الى فترة اطول كي تتخلص من تركة السنوات الست الماضية». وعبر عن اعتقاده بأن «تغير مزاج الشعب العراقي هو الذي يقف وراء هذه الشعارات. فالعراقيون ملّوا من المحاصصة في كل شيء والطائفية المقيتة». وحذر من خطورة «ان تكون تلك الشعارات اعلامية» واعرب عن استعداده «للتحالف مع اي طرف يؤمن بالمشروع الوطني». وعن دعوة رئيس الوزراء الى الاخذ بالنظام الرئاسي قال المطلك ان «النظام الرئاسي افضل من البرلماني، ويخلص العملية السياسية من التوافقية البرلمانية. لكنني اعتقد ان الوضع الطائفي الحالي لا يسمح بالانتقال الى هذا النظام، لأنه سيؤدي الى حكم طائفة او قومية معينة وليس حكم الغالبية». وكان المالكي أعلن في تصريح نشره المركز الوطني للاعلام انه يؤيد مبدأ الديموقراطية الذي يمنح الاكثرية الانتخابية حق تشكيل الحكومة، معتبراً ان «مصطلح الديموقراطية التوافقية غريب على الديموقراطية ومتناقض معها ويحمل في طياته مشاكل عانى منها العراق والحكومة الحالية» ما اثار حفيظة عدد من الاطراف السياسية. ورفض النائب عن «جبهة التوافق» احمد العلواني التخلي عن مبدأ التوافق في حكم بلد مثل العراق، خصوصاً في حل الخلافات وادارة العملية السياسية. واعتبر دعوة رئيس الحكومة الى اعتماد النظام الرئاسي «مثيرة للريبة لأنها تعني الاستحواذ على السلطة من جانب طرف واحد، وهذا امر غير مقبول مطلقاً». وقال ان «النظام البرلماني هو الاكثر قبولا في العراق، ويحظى بموافقة معظم الاحزاب السياسية، ولا يوجد خلاف دستوري حوله». كما عبر النائب عن التحالف الكردستاني سامي الاتروشي عن اعتقاده بأن النظام الرئاسي في الدول النامية يؤدي الى التفرد بالسلطة، وهو مخالف لمبادئ الدستور العراقي، واشار الى ان «الرئيس يستحوذ على كل شيء، وبين ليلة وضحاها يغير الدستور حسب ما يشتهيه ويلزم البرلمان بتبني ذلك التغيير، ويصبح النظام الديموقراطي حبراً على ورق».