«المطابخ في إجازة»، هذا هو الحال لدى كثير من العوائل السعودية، والتي نشأت بينها علاقة وثيقة مع المطاعم، حتى باتت تلك المطاعم الممول الرئيسي لمائدة الطعام. وجاء هذا التحول الطارئ والسريع ليسرق المائدة المنزلية، ويحيل بعض وجباتها إلى التقاعد، وبخاصة وجبة العشاء. وتشير سالي علي الوصيبعي (بكالوريوس تغذية واقتصاد منزلي)، إلى أن هذه الظاهرة «تشكل قلقاً كبيراً على الحياة الاجتماعية الغذائية، فليس كما يشاع أن لذة الطعام وشكله الجذاب هو ما يشد العائلات السعودية للتزاحم على أبواب المطاعم، بل السعر وسرعة التحضير واحتوائه على مغريات هدامة للنظام الغذائي في الجسم». وتقول: «لا نهاية للحديث عما يتعلق بالوجبات الغذائية خارج المنزل، مروراً على طرق تحضيره ونظافة الكادر المسؤول عن تقديمه، لذا أصبح مجتمعنا يزدحم بمرضى السمنة والسكري وضغط الدم، والكلسترول وجلطات الدم، وكل هذا بسبب ما يدخل أفواهنا من هذه الأماكن». بدورها، أرجعت اختصاصية التثقيف الصحي زهرة البصري، إقبال العائلات السعودية على المطاعم إلى «تغير النمط المعيشي للمجتمع، ورغبة أفراده في العيش برفاهية، منذ بداية غزو الوجبات السريعة المملكة في ثمانينيات القرن الماضي، وإلى وقتنا الحالي، نتيجة للتنمية السريعة والتطور الملحوظ». وتشير إلى أن ما يشهده المجتمع من «عوارض الخمول والكسل المنتشر في بعض العائلات، والتي تأتي نتيجة لتناول وجبات المطاعم بكثرة، وأيضاً ظهور هشاشة العظام من جراء تناول المشروبات الغازية في شكل كبير، وارتفاع معدلات السمنة والسكري، خصوصاً بين الأطفال، ناهيك عن معدلات الوفيات المرتفعة». ويرى الاختصاصي الاجتماعي حسن الحماد، أن هذه الظاهرة تمثل «منحنى خطيراً في السلوك الاجتماعي، وسيكون أثره بالغ الخطورة، إذا ما نظرنا إلى السنوات المقبلة بعيون مدققة، فتخيل أن مائدة الطعام العائلية ستكون خالية من أفرادها، فأين سيكون الترابط الأسري الذي كانت توثقه هذه المائدة الكبيرة؟»، مضيفاً ان «هذه الظاهرة تنبئ عن تفكك أسري قد تشهده السنوات المقبلة، واعتياد أفراد الأسرة على البحث عن رفقة أخرى للطعام قد يسبب بذلك عواقب من أبرزها الصحبة السيئة». ويشير الاختصاصي الاجتماعي معتصم السويد، إلى أن «عدد المطاعم في الصين قليل مقارنة بمطاعمنا، حين يقاس ذلك بحجم الكثافة السكانية في البلدين، ما يدعو إلى الاستغراب، ففي كل شارع ترصد مطعماً هذا لم يأت من فراغ، إنما من الإقبال الشديد عليه من أسرنا».