في خطوة نزعت فتيل أزمة بينهما، اتفق شريكا الحكم السوداني «حزب المؤتمر الوطني» و «الحركة الشعبية لتحرير السودان» أمس على إجراء استفتاء تقرير مصير جنوب البلاد في موعده في كانون الثاني (يناير) المقبل، مع تعديل الجدول الزمني للخطوات المرتبطة بالاستحقاق. وقال وزير التعاون الإقليمي في حكومة الجنوب القيادي في «الحركة الشعبية» دينق الور أمس إن طرفي السلام درسا طلباً من مفوضية الاستفتاء لتأخير الجدول الزمني المرتبط بإجرائه واتفقا على تغيير الجدول مع التمسك بموعد الاستفتاء حتى لا تحدث انتكاسة في عملية السلام. واعترف رئيس مفوضية تنظيم الاستفتاء محمد إبراهيم خليل أمس بأن «انقسامات كبيرة تعوق تنظيم الاقتراع»، متهماً الأعضاء الجنوبيين في المفوضية ب «محاولة إقصاء (زملائهم) الشماليين»، لكن «الحركة الشعبية» وافقت على مرشح شريكها في الحكم لمنصب الأمين العام للمفوضية «لقطع الطريق أمام أي محاولة لإرجاء الاستحقاق». وقال خليل: «كتبت مذكرة إلى الرئاسة أوضح فيها متطلبات احترام قانون الاستفتاء»، لكنه أكد أنها «لا تطلب» إرجاء الاستفتاء، وإن أوضحت في الوقت نفسه أنه «تم بالفعل تجاوز الوقت المحدد بموجب القانون للإجراءات الخاصة بوضع اللائحة الانتخابية». وأوضح أنه «إذا أخذنا موعد التاسع من كانون الثاني (يناير) وعدنا إلى الوراء خمسة شهور، سنجد أننا تجاوزنا الموعد الذي نص عليه القانون، وهذا ما شرحته في مذكرتي التي تنتهي بجملة عليكم اتخاذ قرار في شأن ما ينبغي عمله». ولا يحق للجنة المنظمة للاستفتاء اتخاذ قرار بإرجائه إذ يتطلب ذلك اتفاقاً بين الرئيس عمر البشير وشركائه في «الحركة الشعبية». وانتقد خليل الأعضاء الجنوبيين الخمسة في المفوضية المؤلفة من تسعة أعضاء، بسبب «تصويتهم ككتلة واحدة من أجل منع أي شمالي من شغل منصب الأمين العام». وهدد بالاستقالة من منصبه إذا استمر الخلاف داخل المفوضية. واستبعد نجاح المفوضية في عملها «ما لم يتحقق التعاون بين أعضائها على أساس الثقة المتبادلة، والتعامل مع الأمور بموضوعية من وجهة وطنية لا من وجهة نظر الشمال والجنوب». ولفت إلى أن 59 من بين 63 منصباً أحدثها قانون الاستفتاء، يشغلها حالياً جنوبيون، مشيراً إلى أنه ترك المسألة للرئاسة للبت فيها. غير أن نائب رئيس حكومة الجنوب نائب رئيس «الحركة الشعبية» رياك مشار قال إن اجتماع المكتب السياسي لحركته وافق على مرشح «حزب المؤتمر الوطني» لمنصب الأمين العام للمفوضية عمر الشيخ، على أن يكون نائبه من جنوب البلاد، موضحاً أن حركته لا تريد أن يكون الخلاف على المرشح للمنصب ذريعة لتعطيل الاستفتاء. وأكد رئيس البرلمان السوداني القيادي في «المؤتمر الوطني» أحمد إبراهيم الطاهر تمسك حزبه بإجراء الاستفتاء في موعده، لكن وفق الأسس والترتيبات المقررة له. وحذر «الحركة الشعبية» من أن عدم إجراء الاستفتاء وفق الأسس المتفق عليها «سيعرض شعب الجنوب إلى محن لا قبل له بها». من جهة أخرى، نفت «حركة العدل والمساواة» المتمردة في دارفور أية تفاهمات بينها وبين الحكومة الاوغندية على إقامة قاعدة عسكرية في أراضيها. واتهمت الحركة وسائل إعلام حكومية في الخرطوم ب «محاولة إحداث فرقعة إعلامية للتغطية على فشلها في إدارة المعارك الداخلية، خصوصاً استفتاء الجنوب ودارفور». وقال نائب رئيس الحركة أحمد آدم بخيت إن «الحكومة تحاول تلفيق أخبار عارية من الصحة لتغطية فشلها السياسي والأمني وعدم مقدرتها على إدارة الحوار مع شريكها لحل قضية الاستفتاء». وتساءل: «إن كانت لدى حركتنا قواعد داخلية، فلماذا نبحث عن قواعد في الخارج؟». وأضاف: «حتى الدعم نتلقاه من الداخل ولا نحتاج إلى دعم خارجي». ودعا الحكومة إلى «حسم امرها والتوجه إلى حل سياسي شامل بدل التخندق وراء أخبار كاذبة وعارية من الصحة وتقارير ملفقة لا تجدي كل الأطراف في شيء». لكن لجنة سلام دارفور في البرلمان اعتبرت الموافقة المزعومة للرئيس الأوغندي على السماح ل «حركة العدل والمساواة» بإقامة قواعد عسكرية في بلاده «سلوكاً عدائياً تجاه السودان». وقال نائب رئيس اللجنة الفاتح عز الدين إن «سلوك الرئيس الاوغندي يصب في اتجاه العداء للدول الأفريقية، خصوصاً أنه هو من دعم التمرد في رواندا وعدد من الدول الأفريقية». إلى ذلك، (رويترز) قال مسؤول في الأممالمتحدة إن السودان طرد خمسة من العاملين لدى المنظمة الدولية واللجنة الدولية للصليب الأحمر من ولاية غرب دارفور في أحدث مواجهة مع المنظمات الدولية في المنطقة التي تشهد أكبر عملية إغاثة في العالم. وقال رئيس بعثة الاممالمتحدة والاتحاد الافريقي في غرب دارفور عبدالله الفاضل أمس: «طلب الرحيل من رئيسي المفوضية العليا لشؤون اللاجئين والفاو (منظمة الاغذية والزراعة) في غرب دارفور فضلاً عن رئيس المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في بلدة زالنجي». وأضاف أنه لم يتضح بعد لماذا طلبت السلطات من أفراد الطاقم المغادرة، «وما قيل فقط هو أنهم ارتكبوا أخطاء تتجاوز تفويضهم». وذكر مصدر آخر من الأممالمتحدة طلب عدم نشر اسمه أنه طلب من مدير مكتب «الفاو» في غرب دارفور الرحيل لأنه وزع على الإنترنت عريضة ضد الجوع قالت السلطات إنه لم يحصل على تصريح بذلك. وبعثة الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي منخرطة في مواجهة عنيفة مع السلطات في دارفور في شأن إيواء ستة لاجئين من مخيم كلمة المضطرب تقول الحكومة إنهم مسؤولون عن أعمال عنف أسفرت عن مقتل ثمانية أشخاص الشهر الماضي، فيما تقول القوات الدولية إنها لن تسلم اللاجئين من دون أمر اعتقال أو ضمانات بمحاكمة عادلة.