وضعت حركة «حماس» رئيس وزراء السلطة الدكتور سلام فياض هدفاً لحملتها السياسية الداخلية، مستغلة في ما يبدو خلافات طفت على السطح أخيرا بين فياض وبعض مراكز القوى المعارضة في حركة «فتح»، وربما المتضررة من تشكيلة الحكومة الجديدة. وشنت «حماس» امس هجوما غير مسبوق على فياض منذ توليه رئاسة الحكومة عقب سيطرتها على قطاع غزة بالقوة المسلحة اواسط عام 2007، وذهبت حد وصفه ب «ظاهرة صهيونية». وقالت في بيان لها اصدرته تحت اسم «بيان صادر عن النواب الأسرى من كتلة التغيير والإصلاح البرلمانية» ان ظاهرة فياض «يجب أن تنتهي من القاموس الفلسطيني». وزادت ان «الاحتلال فرض هذه الشخصية بضغط التمويل الغربي والأميركي»، واصفة دوره ب «القذر» بسبب ما أسمته «التآمر على شعبنا، والامتثال لرغبات عدونا في قمع المقاومة وتكريس ثقافة الهزيمة بين أبنائه». كما اتهمته ب «افتتاح السجون للمقاومين، ومحاكمة الشرفاء والمناضلين بهدف إرضاء أسياده الذين يديرون اليوم سياسات رام الله من واشنطن وتل أبيب». واثار البيان استياء واسعا وصل الى دوائر «حماس» ذاتها، اذ قال امين سر المجلس التشريعي الدكتور محمود الرمحي ل «الحياة» انه اجرى اتصالات مع نواب عديدين من كتلته (كتلة التغيير والاصلاح)، وان لا علم لهم بمثل هذا البيان. واضاف: «رغم اختلافنا الشديد مع الدكتور فياض، ومطالبتنا بأن تعرض حكومته امام المجلس التشريعي لنيل الثقة، الا ان اللغة الواردة في البيان ليست لغتنا، والخطاب ليس خطابنا». غير ان نشر البيان على موقع «المركز الفلسطيني للاعلام» التابع ل «حماس» وقيادتها في الخارج يشير الى صدوره عن قيادة الحركة. وكانت «حماس» حتى وقت قريب توجه انتقادات شديدة لحكومة فياض، لكنها لم تصل الى درجة التخوين. ودأبت الحركة على ربطه حكومة فياض بالرئيس محمود عباس، مطلقة عليها اسم «حكومة عباس - فياض». وفي اسوأ الاحوال، كانت تصف اجهزة أمن الحكومة ب «اجهزة دايتون»، في اشارة الى المنسق الامني الاميركي كيث دايتون الذي لعب دوراً فنياً في مساعدة السلطة على اعادة بناء اجهزتها الامنية. وتدرك «حماس» ان حركة «فتح»، وتحديدا مكتب عباس هو المرجع الفعلي لقيادة اجهزة الامن الفلسطينية وللقرارات والاجراءات التي تتخذها، لكنها اختارت فياض هدفا لحملتها في هذه المرحلة، في ما يبدو، للاستفادة من معركة أخرى تشنها بعض اوساط «فتح» ضد فياض الذي تتهمه ب «خطف السلطة» و «وراثة الحركة». ويأتي توقيت حملة «حماس» على فياض متزامنا مع مشاورات واسعة يجريها الاخير لإعادة بناء حكومته وتوسيعها. واثار ذلك ردود فعل سلبية من «حماس» ومن بعض اوساط «فتح» التي اعتبرت ان فياض ومعه الرئيس عباس استثنياها من تلك المشاورات. وترافقت الحملة مع بدء جولة جديدة من الحوار بين «حماس» و «فتح» امس في القاهرة، خصوصا ان قادة وفد «فتح» للحوار، وتحديدا رئيس الوفد احمد قريع ورئيس كتلة «فتح» البرلمانية عزام الاحمد، لا يخفيان معارضتهما لتشكيل فياض الحكومة الجديدة على النحو الجاري.