أزاح الرئيس المصري حسني مبارك الستار عن أعمال التطوير لمتحف الفن الإسلامي في القاهرة، والذي يُعد أكبر وأهم متحف إسلامي في العالم، لما يحويه من قطع أثرية نادرة ترسم لوحة بديعة لتاريخ الحضارة الإسلامية في شتى بقاع العالم عبر مختلف العصور. وافتتح مبارك يرافقه رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف ومجموعة من الوزراء المتحف الذي أغلق العام 2003 لترميم مبناه ومجموعة من القطع الأثرية التي يضمها، والتي يبلغ عددها حوالى مئة ألف قطعة تروي كل منها جزءا من حكاية المسلمين في الهند والصين وإيران والجزيرة العربية والشام ومصر وشمال إفريقيا وبلاد الأندلس منذ بداية انتشار الدعوة الاسلامية حتى القرن الثامن عشر الميلادي. وضم المتحف إسهامات من مختلف الأعراق والثقافات التي أثرتها الحضارة الإسلامية، والتي تجمعت في «بوتقة جامعة» شيدت في قلب القاهرة الفاطمية وسط نماذج للعمارة الإسلامية في مختلف عصورها، مثل جامع ابن طولون ومقام السيدة زينب ومسجد السلطان حسن وقلعة صلاح الدين الأيوبي ومسجد الرفاعي. وتعكس واجهة المتحف، التي تعتبر من أهم معالم العمارة الإسلامية في القاهرة، هذا الثراء والشمولية، إذ زُينت بزخارف مستوحاة من العمارة الإسلامية في مصر في عصورها المختلفة. ومن أهم مقتنيات متحف الفن الإسلامي، الذي تكلفت أعمال تطويره 85 مليون جنيه مصري (الدولار يعادل نحو 5.5 جنيه)، أقدم دينار إسلامي يعود إلى العام 77 هجري، ومفتاح للكعبة المشرفة باسم السلطان الأشرف شعبان، مصنوع من النحاس ومطلي بالذهب والفضة وأبريق مصنوع من البرونز، يُرجح أن يكون لآخر خلفاء بني أمية مروان بن محمد. وفي دلالة ذات مغزى يضم المتحف أيقونة رُسمت عليها صورة المسيح، كان عثر عليها في منطقة الفسطاس القديمة وسط آثار إسلامية، ما يشير إلى أن الحضارة الإسلامية اهتمت بالآثار القبطية بعد فتح مصر. وآثر المجلس الأعلى للآثار ضم الأيقونة إلى المتحف الإسلامي. كما يضم المتحف لوحات تحكي التاريخ الإسلامي عبر الحِقب المختلفة ومجموعات ناردة من المنسوجات والأختام والسجاد الإيراني والتركي والخزف والزجاج العثماني ومجموعة ناردة من أدوات الفلك والهندسة والكيمياء والأدوات الجراحة التي كانت تستخدم في العصور الإسلامية المزدهرة، إضافة إلى أساليب قياس المسافات كالذراع والقصبة وأدوات قياس الزمن مثل الساعات الرملية ومجموعات نادرة من الخشب الأموي والعباسي، فضلاً عن مخطوطات نادرة منها مصحف من العصر المملوكي وآخر من العصر الأموي مكتوب على رق الغزال، إلى جانب العديد من المصاحف المزخرفة بماء الذهب، إضافة إلى مجموعة متميزة من المكاحل والأختام والنياشين والأنواط والقلائد. وتعرض في المتحف 103 آلاف قطعة أثرية في 25 قاعة مقسمة على أساس الحقبة التاريخية وكذلك نوع الفن، ومنها قاعات المماليك والعثمانيين والعباسيين والأمويين والطولونيين والفاطميين وبلاد فارس. وأيضا قاعات السجاد والخط والألوان والأضواء والمياه والحدائق والعلوم والطب. وتستخدم الساحة الخارجية للمتحف في عرض القطع الأثرية المهمة. ورُوعي أن تحاكي طريقة العرض أعرق المتاحف العالمية، كما زودت القاعات بأنظمة إنذار وإطفاء وكاميرات للمراقبة. وعرف المتحف حتى منتصف القرن الماضي باسم «دار الآثار العربية» وظل مقسماً إلى قسمين: الأول هو المتحف الإسلامي. والثاني دار الكتب العامة التي كانت تعرف باسم «دار الكتب الخديوية» ثم «السلطانية». وبداية إنشاء مبنى المتحف ترجع إلى العام 1881 عندما تقرر جمع التحف لتحفظ في الإيوان الشرقي من جامع الحاكم. وافتتح مبناه الحالي للمرة الأولى في عصر الخديوي عباس حلمي الثاني العام 1903.