أعلنت طهرانوموسكو أمس، أن مفاعل «بوشهر» النووي جنوبإيران سيُزوّد وقوداً في 21 الشهر الجاري، وذلك في بداية عملية تستغرق أسابيع، وتعتبرها روسيا «تدشيناً فعلياً» له، بحيث يصبح رسمياً «منشأةً ذرية». لكن طهران تدرس موعداً مناسباً لإعلان افتتاح المفاعل رسمياً، كما ابلغت مصادر في العاصمة الإيرانية «الحياة»، مشيرة الى أن الحكومة الإيرانية تسعى إلي جعل تسلّم محطة بوشهر، يوماً وطنياً. وأضافت ان طهران تريد ربط الاحتفال بالمحادثات النووية التي ستستأنفها مع الغرب، ليكون ورقة ضغط في يد المفاوض الإيراني. وقال رئيس «المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية» علي أكبر صالحي: «نحضّر لنقل الوقود الى داخل المحطة الأسبوع المقبل، وبعدها سنحتاج 7 أو 8 أيام لنقله الى المفاعل». وأضاف: «في 21 آب (السبت المقبل)، سيُنقل الوقود الى داخل المبنى حيث مفاعل محطة توليد الطاقة الكهربائية». وأشار الى ان طهران دعت خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمشاهدة عملية نقل الوقود، ونزع الأختام عن 165 قضيب وقود. وتستغرق عملية نقل الوقود فترة تراوح بين أسبوعين وثلاثة. وأعلن صالحي أن احتفالاً بافتتاح المفاعل سيُنظم أواخر ايلول (سبتمبر) أو مطلع تشرين الأول (أكتوبر)، لدى نقل الوقود الى «قلب المفاعل» الذي سيُربط بشبكة الكهرباء الإيرانية بعد ذلك بستة أسابيع، إثر تشغيله بنسبة 50 في المئة من قوّته التي تبلغ ألف واط. وجاءت تصريحات صالحي بعد إعلان الناطق باسم «الوكالة الروسية للطاقة الذرية» (روس أتوم) سيرغي نوفيكوف ان «المفاعل سيُشحن بالوقود في 21 آب، ستكون خطوة لا عودة فيها، وانطلاقاً من تلك اللحظة، سيُعتبر مفاعل بوشهر منشأةً نووية». وأضاف: «يمكن اعتبار ذلك التدشين الفعلي للمفاعل». وأكد أن «كلّ ذلك سيحصل بإشراف مفتشي الوكالة الذرية الذين سيفحصون سلامة أختامهم على الحاويات وسينزعونها، ثم يطّلعون على الوقود. بعد ذلك سيُنفذ كلّ العمل بإشراف الوكالة، بموجب برنامج مرحلة الإطلاق الفعلي». وأشار الى أن أول تفاعل انشطاري سينفذ مطلع تشرين الأول، ما يعني أن «فترة الاختبار انتهت وبدأت فترة الإطلاق الفعلي، لكن هذه الفترة تستغرق نحو شهرين ونصف شهر». وشدد مسؤولو «روس أتوم» على أن المفاعل يحتاج وقتاً ليبدأ العمل في شكل فعلي، وسيعمل في حدّ أدنى من طاقته بنسبة 1 في المئة، بعد فترة تراوح بين ثلاثة واربعة شهور. ولمناسبة عملية الإطلاق، ستُنظم مراسم احتفالية في «بوشهر»، بمشاركة وفد روسي يرأسه سيرغي كيريينكو المدير العام ل «روس أتوم»، إضافة إلى صالحي. وقد يشارك أيضاً وزير الطاقة الروسي سرغي شماتكو. في باريس، اعتبرت كريستين فاج مساعدة الناطق باسم الخارجية الفرنسية ان «تسليم روسيا الوقود للمحطة، يشكّل سبباً إضافياً لتعلِّق إيران نشاطاتها النووية الحساسة، عملاً بقرارات مجلس الأمن، خصوصاً القرار 1929». وشددت على أن إيران «لا يمكنها ان تستخدم (في بوشهر) سوى الوقود الروسي الذي يتناسب مع مواصفات هذه المحطة. تخصيب إيران اليورانيوم، لا يمكن بالتالي تبريره بالمساهمة في تشغيل محطة بوشهر». وبين نهاية 2007 ومطلع 2008، سلّمت موسكوطهران 82 طناً من الوقود النووي، خُزِّنت بإشراف الوكالة الذرية. وتتعهّد إيران في العقد الموقّع مع روسيا إعادة الوقود إليها لمعالجته مجدداً ما يضمن امتناع طهران عن استخدامه لصنع أسلحة نووية. وانتهت أعمال بناء المفاعل رسمياً في شباط (فبراير) 2009، علماً أن موسكو وقعت العام 1995 عقداً بقيمة بليون دولار، لإكمال بنائه إثر انسحاب شركة «سيمنس» الألمانية التي تعاقد معها الشاه محمد رضا بهلوي، قبل توقّف المشروع بعد الثورة الإسلامية العام 1979. وعزت روسيا التأخير المتكرر في استكمال بناء المفاعل، الى مشاكل «تقنية»، لكن محللين اعتبروا أنها استخدمته ورقة ضغط في علاقاتها مع طهران، ومساومة مع الولاياتالمتحدة. ويأتي إعلان إطلاق المفاعل، بعد أيام، إثر سجال بين البلدين في الشهور الأخيرة، وندد مسؤولون إيرانيون في مقدمهم الرئيس محمود أحمدي نجاد، بتصريحات للرئيس ديمتري مدفيديف، أبرزها ترجيحه قدرة طهران على إنتاج قنبلة نووية. الى ذلك، أكد رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشوري (البرلمان) الإيراني علاء الدين بروجردي، ان «مجموعة فيينا» (الولاياتالمتحدة وفرنسا وروسيا) وافقت علي إجراء المفاوضات مع إيران، على أساس اتفاق تبادل الوقود النووي الذي أبرمته بلاده مع تركيا والبرازيل.