كشف تضارب تصريحات ومواقف مسؤولي المؤسسة الأمنية والعسكرية في شأن جاهزية القوات العراقية لتسلم الملف الأمني بعد انسحاب القوات الأميركية الكامل آخر العام 2011، عن وجود انقسام داخل المؤسسة الأمنية في شأن تقويم الاستعداد الأمني. وقالت بعض المصادر العسكرية ان رئيس اركان الجيش العراقي الكردي بابكر زيباري استند الى تلقيه دعم الأطراف الكردية وعدم الخوف من انتقام رئيس الحكومة او تدخله بإقالته للإدلاء بتصريحات صريحة حول وضع القوات العراقية يتداولها كبار الضباط في مجالسهم الخاصة ويمتنعون عن التصريح بها خوفاً من اقالتهم. ويقول ضباط في وزارة الدفاع ان «القادة يمنحون المالكي والقيادات العسكرية الأميركية ما يريدون سماعه في هذه المرحلة بالقول ان الجيش مستعد وقادر على حفظ الأمن». ويمتد الانقسام الى داخل الأجهزة الأمنية ويقول مصدر رفيع في وزارة الداخلية ل «الحياة» ان»القوات الأمنية تملك من الجاهزية ما يؤهلها ضبط الأمن لكنها لا تزال في حاجة الى تعزيزات فنية ولوجستية حيث ان المهمة الملقاة على عاتقها كبيرة». وأوضح المصدر، الذي شدد على عدم كشف اسمه، ان «بناء قوات امنية متكاملة يحتاج الى وقت طويل وخلال السنوات ال 6 الماضية تمكنا من وضع اسس قوية لهيكلية تلك القوات والأخيرة في تنام ملحوظ». وتابع «اذا اردنا الحديث بصراحة عن جاهزية تلك القوات لا بد لنا من تشخيص مواطن الضعف فيها اولاً وتتلخص في الفساد المستشري في غالبية مفاصلها، اعتماد المحاصصة في توزيع القيادات على القواطع الأمنية، ونقص الأجهزة المساندة للعمل الأمني مثل اجهزة كشف المتفجرات وغيرها». وخلص المصدر الى القول انه «اذا ما تمت معالجة تلك القضايا المهمة التي تنهش في جسد المؤسسة الأمنية حينها نكون وصلنا الى ما نسبته 85 في المئة من الجاهزية». ولفت الى ان «المشكلة الحقيقية تكمن في تجاهل مسؤولي المؤسستين العسكرية والأمنية المشاكل التي نعاني منها ويركزون على القضايا الإعلامية فقط». وأضاف المصدر «ما ادلى به رئيس اركان الجيش العراقي يعبر عن حقيقة الوضع من دون مجاملات وهذا الأمر لاغبار عليه والقيادات الأمنية والعسكرية تعلم ذلك جيداً». وكان رئيس اركان الجيش الفريق أول بابكر زيباري اعلن في مؤتمر صحافي ان الجيش العراقي لن يكون قادراً على مسايرة الوضع الأمني من دون مساندة من القوات الأمريكية قبل مرور عشر سنوات اخرى. يُذكر ان القوات الأميركية ستسحب قواتها القتالية من العراق في نهاية آب (اغسطس) الجاري لتكمل الانسحاب الكامل نهاية العام 2011. وكانت وزارة الدفاع اوضحت ان تصريحات زيباري اسيء فهمها وروجت في شكل خاطئ، الا انها عادت لتؤكد صدقية ما اشار اليه رئيس اركان الجيش. وقال الناطق باسم وزارة الدفاع اللواء محمد العسكري إن التصريح الذي أدلى به الفريق أول رئيس أركان الجيش بابكر زيباري اسيء فهمه. وأكد «تنامي القدرات الأمنية لقوات الجيش بما يمكنها من استلام الملف الأمني كاملاً من القوات الأميركية بعد انسحابها الكامل نهاية عام 2011». واعتبر مصدر في وزارة الدفاع ان تصريحات رئيس اركان الجيش شخصت الوضع بمهنية عسكرية عالية على اعتبار ان القوات العراقية ستعمل بمفردها بعد انسحاب القوات الأميركية اي ان الطرف المساند لها لن يكون حاضراً في عملياتها المستقبلية». وقال ان «تصريحات زيباري خروج علني على اللوائح والتعليمات التي وضعها القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي». وأضاف «الحديث عن عدم جاهزية القوات العراقية لتسلم الملف الأمني يعتبر خطاً احمر لا يمكن تجاوزه من قبل قيادات الأمن والجيش كافة لكن زيباري يملك الدعم الكردي للحديث في شكل علني». الى ذلك أعلن وزير الدفاع عبد القادر محمد العبيدي، عن وضع وزارته خطة لتكون قوات الجيش العراقي قادرة على رفع نسبة الأمن الداخلي بنسبة 100في المئة نهاية العام 2011 إلى جانب قدرتها على حفظ الأمن ضد التهديدات الخارجية بنسبة 65 في المئة. واعتبر وزير الدفاع أن القوات البرية هي العمود الفقري للقوات العسكرية والأمنية بتشكيلاتها ومديرياتها المتنوعة. وأشار الى ان وزارة الدفاع تمكنت من بناء 40 كتيبة وبطارية عسكرية خلال خمسة اعوام بين 2003 و2008 مجهزة بالمعدات والأسلحة التي تمكنها من تأدية مهماتها بنجاح وتحت ظروف مختلفة. ووصفت «القائمة العراقية» تصريحات رئيس أركان الجيش ب»الأكثر وضوحاً من تصريحات رئيس الوزراء نوري المالكي». وقال المتحدث باسم «العراقية» حيدر الملا في بيان امس ان «ما صرح به رئيس أركان الجيش يدل بوضوح على عدم وجود أجهزة أمنية عراقية قادرة على تحمل مسؤوليات الملف الأمني بعد انسحاب القوات الأميركية المقاتلة نهاية الشهر الجاري». ودعا البيان إلى «عقد جلسة طارئة للبرلمان من أجل دراسة الملف الأمني ومساءلة الوزراء والقادة الأمنيين لوضع معالجات تحد من التدهور الأمني الأخير».