في بادرة لافتة، بثت قناة «العربية» على مدار يوم كامل، قبل فترة، تقريراً ضمن نشراتها الرئيسية عن عزم مذيعها جواد كاظم القيام برحلة سلام في البلدان العربية. وجواد كما هو معلوم، كان مراسل القناة في العراق حين تعرض لمحاولة اغتيال أسفرت عن إقعاده على كرسي متحرك لم يحل دون مواصلته مسيرته الإعلامية وإطلالته على عشرات الملايين من محبيه في العراق وخارجه ممن تعاطفوا معه ضد المحاولة الإرهابية التي استهدفت حياته كصحافي يعمل في ارض الرافدين في ذروة الاضطراب الدموي العراقي الذي أعقب سقوط صدام. وبعد رحلة العلاج والعذاب الطويلة التي خاضها جواد في مستشفيات بغداد وعمان والرياض ولندن حيث احتضنته «العربية» ووقفت إلى جانبه في محنته، عاد ليطل عبر شاشتها مقدماً للأخبار في نشرات ما بعد منتصف الليل ربما رغبة منه بتفادي سخونة أخبار نشرات النهار اللاهبة بما تعج به من أنباء الحروب والقتل والكوارث لا سيما في بلده العراق وليقهر بذلك اليأس والقنوط والمرض عبر تمسكه بالحياة وبمهنته التي أحب وكاد يضحي بنفسه من أجلها. والحال أن التقرير الذي اعتمد لغة بصرية متقنة، تناول الفكرة التي يعتزم جواد تنفيذها عبر تدربه على قيادة الطائرات الخفيفة في إحدى مدارس تعليم الطيران في الإمارات كي يقوم برحلة سلام على متن طائرة يقودها إلى مختلف الدول العربية. وليست خافية هنا إرادة التحرر والانعتاق من الكرسي لدى جواد الذي أقعده القتلة فيه لكنهم لم يتمكنوا من النيل من عزيمته وروحه التواقة إلى التحليق في فضاءات الحرية والسلام. فالكرسي الذي أراد القتلة، أعداء الكلمة الحرة حبس جواد فيه لم يحل والحال هذه دون اقتحام الرجل لعوالم الطيران ورفضه السكون والمراوحة، ليعد لجولة سلام طائرة في المنطقة العربية حاملاً لواء التسامح والمحبة وحب الحياة ونبذ العنف والكراهية من خلال عرض تجربته الشخصية في مجابهة الإرهابيين. ويسعى جواد من خلال الجولة المزمعة إلى عرض تجربته والدعوة الى السلام والتسامح. وترعى إدارة «العربية» كما أعلن في التقرير الرحلة «التي سيكون من شأنها المساهمة في رد الاعتبار لكل القيم الإنسانية والمهنية الصحافية الجميلة والنبيلة التي كاد يسقط جواد في سبيل الالتزام بها والدفاع عنها».