تجددت الأزمة بين شريكي الحكم السوداني، مع اتهام «الحركة الشعبية لتحرير السودان» التي تحكم الجنوب شريكها «حزب المؤتمر الوطني»، بدعم ميليشيات مناهضة لها وإعلانها احتجاز مروحية «كانت تنقل مساعدات من شمال البلاد» إلى متمردين جنوبيين يقودهم المسؤول العسكري السابق في الحركة الجنرال جورج اطور، وهي الاتهامات التي رفضتها الخرطوم. ورفض مسؤول الإعلام في «المؤتمر الوطني» فتحي شيلا أمس إعلان «الحركة الشعبية» احتجاز «الجيش الشعبي لتحرير السودان» الذي يسيطر على الاقليم مروحية في مدينة فلج تحمل دعماً إلى منشقين عنه، متهماً الأمين العام للحركة باقان أموم بإطلاق «تصريحات جوفاء ومغلوطة للهروب من واقع الوضع الأمني غير المستقر في الجنوب». وطالب «الحركة الشعبية» ب «ضبط الجيش الشعبي في تصرفاته غير المسؤولة تجاه المدنيين»، داعياً إياها إلى «التدخل لإطلاق سراح الطائرة ومن فيها والاعتذار عما بدر منه». وكان أموم قال إن استخبارات «الجيش الشعبي» ضبطت المروحية في مطار فلج في ولاية أعالي النيل حين كانت تزود ميليشيا الجنرال المنشق بالأسلحة. وقال إن المروحية أقلعت من الخرطوم قاصدة فلج، لكنها اتجهت إلى معاقل أطور في محافظة فنجاك في ولاية جونقلي، مشيرا إلى أن الطائرة عادت إلى فلج وعلى متنها قيادات تابعة لأطور. وأضاف أن المروحية محتجزة حالياً في الجنوب، وان رئيس حكومة الإقليم النائب الأول للرئيس سلفاكير ميارديت «أمر بفتح تحقيق فوري في الحادث وتقديم المتورطين إلى القضاء في الجنوب»، لافتاً إلى أن «حكومة الجنوب أبلغت بعثة الأممالمتحدة في السودان، والاتحاد الأفريقي، وحزب المؤتمر الوطني بتفاصيل الواقعة». واعتبر الواقعة «تطوراً خطيراً جداً لأنه يشير في شكل واضح إلى تورط بعض الدوائر في الخرطوم في زعزعة استقرار جنوب السودان وعرقلة تطبيق اتفاق السلام الشامل، خصوصاً الاستفتاء على حق تقرير المصير» المقرر مطلع العام المقبل. إلى ذلك، دعا القيادى في «المؤتر الوطني» محمد مندور المهدي إلى حسم الخلاف في شأن الملفات العالقة بين الشريكين قبل إجراء الاستفتاء، خصوصاً ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب وقضية الجنسية والمسائل المتعلقة بالاقتصاد والأمن «حتى لا تكون مدخلاً لتوترات لاحقة». أما القيادي في «الحركة الشعبية» وزير رئاسة مجلس الوزراء لوكا بيونق، فأكد أن «إجراء الاستفتاء بنزاهة وشفافية وتحت رقابة المجتمع الدولي هو الضامن للاعتراف به من كل الأطراف»، محذراً من «محاولة عدم الاعتراف بخيار مواطني الجنوب عندما يقرروا مصيرهم العام المقبل». وناشد جميع الأطراف «العمل معاً من أجل أن يجري الاستفتاء في جو ودي ومعافى». في سياق متصل، قال الناطق باسم «الجيش الشعبي» كوال ديم إن «مسلحين هاجموا شاحنة في جنوببانتيو الأحد الماضي فقتلوا 23 شخصاً بما في ذلك ضباط شرطة وأصابوا ثمانية آخرين بجروح». وأكد أن هوية المهاجمين مجهولة، لكن جيش الجنوب يعتقد أنهم قد ينتمون إلى ما تبقى من ميليشيا العقيد السابق في «الجيش الشعبي» قلواك دينق الذي تمرد على السلطة الجنوبية في ولاية الوحدة بعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في نيسان (أبريل) الماضي. وأشار إلى أن «تمرد قلواك انتهى، لكن قد يكون بعض رجاله ما زالوا يفتعلون المشاكل».