بعد أن أحاطت بها الأساطير من كل جانب باتت الأفعى تلتف بإحكام حول تاريخ الإنسانية، إذ اشتهرت بقدرتها على إغواء فريستها والاستحواذ على مشاعرها، فليس هناك من حيوان غير الأفعى من تنسب إليه قدرة كهذه. ومن جانبها، اشتهرت دار بولغري هي الأخرى بصفتها سيدة القيم والمثل الجمالية بامتلاك قدرات مماثلة. فليس من قبيل المصادفة أن تصبح مجموعة سربينتي Serpenti التي تقف في صدارة عالم المجوهرا، إحدى مجموعات بولغري الأحب إلى النفوس والأكثر جاذبية وسحراً. واحتفاء منها بهذا الحيوان الذي يجسد روحية الدار، أطلقت دار بولغري مجموعتها الجديدة من مجوهرات سربينتي بأشكال غير مسبوقة تعكس جرأة الأفعى المتأصلة فيها، إذ أعيد تصويرها بتصاميم مذهلة جديدة كلياً. ففي عام 2016 تتركز مفردات هذه المجموعة في المقام الأول على قوة نظرات الأعين، وبينما هي تتألق بتعبيرات متعددة الجوانب للإغواء والجاذبية تأتي الخواتم والأساور والقلادات النفيسة تكريماً ل«رأس الأفعى» بتصاميمه التي تتقد شغفاً وولعاً، والحق هو أن أي حجر كريم مماثل للعين على نحو خارق للطبيعة، فلكل منها خصوصيته وتفرده مثلما هي حال قزحية العين، ولا بد من أن هذا التماثل ينطوي على جاذبية آسرة. فنظرات أعين الأفعى، أو أعين الأنثى بارعة الجمال التي تأسر الألباب يمكن أن تمتلك قوة لا تضاهى ولا تقهر بالقدر ذاته، والإغواء الذي تنطوي عليه نظرة ما يمكن أن يغير مسار تاريخ بذاته، وما من قصة حب إلا وبدأت بتأثير تلك النظرة بعينها. بينما هي تحيط بالأصابع وتلتف حول المعاصم وتتعلق بالآذان وتتدلى حول الأعناق، فإن منتجات هذه المجموعة تتميز بتعدد أشكالها وبسماتها الإبداعية في الوقت عينه. واحتفاء بجاذبية الجوهرة أو العين وفتنتها، تركزت تصاميم الإبداعات الجديدة على النظرة الآسرة التي تتمتع بها الأفعى. وفي جوهر هذه التصاميم يقع رأس الأفعى النفيس المستوحى من أشكال «أفاعي» دار بولغري التي أطلقتها في ستينات القرن الماضي وسبعيناته والتي أعلنت مولد هذا العنصر الخطر من جسد الأفعى على رغم جماله الخلاب. وفي مختلف تفسيراته، سواء حين يمسك رأس الأفعى بذيلها بينما هي تطوق الأصبع أو الرسغ، أم يتدلى بشكل قلادة في أول تصميم لمجموعات سربينتي على الإطلاق، فإن الرأس قد يأتي مدبباً أو مستديراً، مسطحاً أو ثلاثي الأبعاد، اعتيادياً أو متوهجاً بالألماس المرصوف، والرأس في كل أشكاله هذه أضحى شاهداً على ما تتمتع به دار بولغري من تميز وعراقة، فيما تكشف كل تحفة من تحف هذه المجموعة بكل جلاء عن مدى خبرات صانع المجوهرات الروماني وقدراته الإبداعية. وثمة ملمح آخر استمدته دار بولغري من حقبة ستينات القرن ال20 وسبعيناته، وذلك هو التوظيف الرائع لشكل الحراشف السداسي في تكرار لفكرة قديمة بأسلوب عصري محدّث، وأتاح هذا العنصر التصميمي الأصيل إضفاء إمكان التطوير والتفنن في تصنيع الأشكال والأنماط الحرفية الفنية. وفي سياق الخروج بنسخة مكررة لجمال حراشف الأفعى الطبيعي، أمكن توليد التأثير الآسر لمنتجات هذه المجموعة وتصويره بأساليب لا تعد ولا تحصى من خلال المعادن شبه النفيسة والأحجار الكريمة، ومن هذه مثلاً التصاميم النهائية للأساور المرصوفة كاملة بألماس والتي تطوق المعاصم بخفة ورشاقة، أو اللمسات المنقوشة على «حراشف» الخواتم المصنّعة من الذهب الزهري، أو النقوش ذات الزوايا المحفورة في أعلى رأس الأفعى. وهكذا، اتسمت هذه التصاميم بالمرونة وقابلية التكيف فبات ممكناً ارتداؤها نهاراً وليلاً. وكانت دار بولغري خلصت للمرة الأولى في ثمانينات القرن الماضي إلى فكرة استنباط مجوهرات «معيارية»، والتي سرعان ما تحولت إلى أحد المعالم المهمة في أساليب صانع المجوهرات الروماني وتصاميمه. ولأنها أتاحت للمرأة العصرية خيار تعددية استخدامها، أسهمت هذه المجوهرات في توسيع حدود طرق ارتدائها زماناً ومكاناً. ومذ ذاك، أصبحت هذه المجوهرات المعيارية من الإكسسوارات الرئيسة للأنثى العصرية بفضل تعدد استخداماتها وحداثتها وجرأة أناقتها.