قبل أكثر من عام على الانتخابات الرئاسية المصرية التي يرى مراقبون أنها ستكون مصيرية، بدأت المعركة عبر «حملات شعبية» أيدت آخرها بقاء الرئيس حسني مبارك في الحكم لفترة رئاسية سادسة. وتضاف هذه الخطوة إلى حملتين إحداهما لتأييد ترشيح نجل الرئيس جمال القيادي في الحزب الحاكم، والأخرى لدعم المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية الدكتور محمد البرادعي الذي أحدثت عودته إلى القاهرة قبل شهور حراكاً سياسياً لافتاً. وانطلقت قبل يومين «الحملة الشعبية لتأييد مبارك» تحت شعار «مبارك... إرادة شعب» التي تدعو إلى استمرار الرئيس في الحكم. وأوضحت في بيان أن هدفها «المزيد من الاستقرار وتطهير الفكر المصري من سموم المعارضين»، وأن السبب الرئيس في إطلاقها «إعطاء شرعية شعبية للرئيس مبارك بعيداً من شرعية الحزب الوطني». وأشارت الحملة إلى أنها ستنظم مؤتمرات جماهيرية في محافظات مختلفة لدعوة مبارك إلى الاستمرار في الحكم. وباتت «الحملات الشعبية» لدعم مرشحين محتملين للرئاسة «موضة سياسية» قبل الانتخابات المقررة في خريف العام المقبل. إذ بدأت بحملة أطلقها ناشطون على الإنترنت تدعو إلى تغيير الدستور لإتاحة ترشح البرادعي للرئاسة، ولحقت بها حملة «الائتلاف المصري لدعم جمال مبارك» الذي وزع ملصقات حملت صورة الرجل الثالث في الحزب الحاكم وتحتها عبارة «جمال... مصر»، مطالباً الرئيس بعدم الترشح وإتاحة الفرصة لنجله. ويخشى معارضو النظام توريث الحكم لنجل الرئيس الذي يتولى منصب الأمين العام المساعد للحزب الوطني الديموقراطي الحاكم، منذ سطوع نجمه بسرعة قبل أربع سنوات وتنامي دوره داخل مؤسسات الحزب. لكن قيادياً في «الوطني» أكد أن لا علاقة للحزب بأي من هذه الحملات الشعبية، وأن مرشحه للرئاسة سيعلن عبر مؤتمر خاص منتصف السنة المقبلة. وتأتي هذه التحركات وسط تضاؤل فرص البرادعي في الترشح، بعدما أغلق الحكم الباب أمام أي احتمال لتعديل الدستور، وأكدت قياداته أن لا نية لديها في هذا الشأن مطلقاً. وتشترط المادة 76 من الدستور أن يحصل أي مرشح مستقل على تأييد 250 عضواً على الأقل من الأعضاء المنتخبين في مجلسي الشعب والشورى (غرفتي البرلمان) والمجالس المحلية للمحافظات، على ألا يقل عدد المؤيدين عن 65 من أعضاء مجلس الشعب، و25 من أعضاء مجلس الشورى، وعشرة أعضاء من كل مجلس شعبي محلي من 14 محافظة على الأقل. ولا يستطيع البرادعي تلبية هذا الشرط في ظل سيطرة «الوطني» على غالبية مقاعد المجالس المنتخبة، وبالتالي بات الانضمام إلى حزب معارض السبيل الوحيد أمامه للترشح في انتخابات الرئاسة، وهو أمر مازال يرفضه، فضلاً عن أن الدستور يلزم أحزاب المعارضة بترشيح أحد أعضاء هيئتها العليا ممن مضت على عضويتهم عام على الأقل، ومن ثم لم يتبق أمام البرادعي سوى أسابيع قليلة للانضمام إلى حزب معارض إن أراد الترشح للرئاسة. وعلى رغم رفض البرادعي الانضمام إلى حزب معارض لتمكينه من خوض الانتخابات، فإن هناك خلافاً في الرأي داخل جبهته في هذا الشأن، إذ يرى مؤيدون لانضمامه أن الهدف هو المنافسة على مقعد الرئاسة ولا سبيل لذلك إلا عبر الانضمام إلى حزب، فيما يتخوف معارضو الخطوة من أن يصبح ترشحه «جزءاً من عملية شكلية تفضي في النهاية إلى فوز مرشح الحزب الوطني».