جال امس، وفد مشترك من ضباط الجيش اللبناني وقوات «يونيفيل» على الخط الازرق في المنطقة الممتدة من بوابة فاطمة الى بلدة العديسة تمهيداً لإعادة ترسيمه من جديد خصوصاً في النقاط التي يتحفظ عنها لبنان، والتي يعتبرها تقع ضمن الاراضي اللبنانية، الأمر الذي كان مصدر اندلاع اشتباكات دموية الثلثاء الماضي بين الجيش اللبناني والقوات الاسرائيلية. واتت هذه الخطوة غداة الاجتماع الثلاثي الاستثنائي الذي عُقد في الناقورة ليل اول من امس، برئاسة القائد العام لقوات «يونيفيل» الجنرال البرتو اسارتا الذي شدد «على اهمية ضمان الاحترام الكامل للخط الازرق من قبل جميع الاطراف». وذكر ب «حساسية الخط الازرق»، ودعا «الى توخي اقصى درجات الحذر في اي اعمال على هذا الخط، التي يمكن ان ينظر اليها على انها استفزازية وقد تزيد من تفاقم التوتر». وحض الطرفين «على الاستفادة من آلية الاتصال والتنسيق مع يونيفيل، خصوصاً في الشؤون المتعلقة بالخط الازرق من اجل الحد من امكان حصول اي سوء تفاهم او مخاوف قد تؤدي الى تصعيد متعمد». واشار اسارتا الى «ان كلا الطرفين جددا التزامهما بوقف الاعمال العدائية وبقرار مجلس الأمن 1701 وتعهدا العمل مع «يونيفيل» لضمان تجنب اعمال عنف في المستقبل»، لافتاً الى ان الوضع عاد الى طبيعته والهدوء يسود منطقة عمليات القوات الدولية. وسيّر امس، الجيش اللبناني دوريات مؤللة على طول الطريق الممتدة من مرجعيون الى العديسة، بعدما استقدم تعزيزات عسكرية الى المنطقة، كذلك سيّرت «يونيفيل» دوريات على طريق كفركلا العديسة. وشوهدت في الجانب المقابل للحدود دوريات مؤللة ومكثفة للجيش الاسرائيلي على الخط الممتد من مستعمرة المطلة وصولاً حتى مستعمرة مسكافعام، في وقت نفذت القوات الاسرائيلية صباح امس، مناورة بالذخيرة الحية داخل مزارع شبعا استخدمت خلالها الأسلحة الرشاشة والمدفعية التي ترددت أصداؤها في حاصبيا ومرجعيون، وخرقت طائرات حربية اسرائيلية الاجواء اللبنانية فوق مرجعيون وحاصبيا والنبطية واقليم التفاح. وكان رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري اتصل هاتفياً اول من امس، بالرئيس السوري بشار الأسد وتشاور معه في الاعتداء الإسرائيلي الذي استهدف لبنان وجيشه، وأهمية توحيد الموقف العربي لمواجهة التهديدات الإسرائيلية. واستكمالا للحراك الديبلوماسي، عقد وزير الخارجية علي الشامي لقاء موسعاً مع السفراء العرب والاجانب ورؤساء البعثات الديبلوماسية المعتمدين لدى لبنان واطلعهم على خلفيات اشتباك الثلثاء الماضي، واكد «اهمية التعاون والتنسيق مع «يونيفيل» والتزام الجيش اللبناني بها في كل الاوقات»، وابلغهم بالشكوى التي تقدم بها لبنان الى مجلس الامن ودعوته الى الانعقاد في جلسة طارئة. واوضح الشامي «ان هذا الاعتداء يشكل انتهاكاً صارخاً للسيادة اللبنانية وللقرار 1701 وللقانون الدولي ولميثاق الاممالمتحدة، ويبرهن مجدداً عن استهتار اسرائيل بالقرارات الدولية واصرارها على مواصلة سياستها العدوانية والاستفزازية وعلى تهديدها المستمر للسلم والأمن الدوليين». وطلب الى السفراء الحاضرين «نقل الصورة الى حكوماتهم ودعوتها الى ممارسة الضغوط اللازمة على اسرائيل لحملها على الكف عن تهديد لبنان والاعتداء وتنفيذ القرار 1701 ووقف انتهاكاتها المستمرة له والانسحاب من الاراضي اللبنانية التي تحتلها في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقسم اللبناني من قرية الغجر والاراضي المحيطة بها». وتلقى الشامي اتصالا هاتفياً من نظيره الايراني منوشهر متقي عبر له فيه عن تعازيه للبنان حكومة وشعباً «بالشهداء الذين سقطوا دفاعاً عن الكرامة الوطنية، وجدد له دعم الجمهورية الاسلامية الايرانية لبنان وتضامنها معه في مواجهة الاعتداءات الاسرائيلية ضد شعبه وجيشه». وفي القدسالمحتلة، حذرت اسرائيل امس، من خطر تصاعد تأثير «حزب الله» على الجيش اللبناني بعد مواجهات الثلثاء. وقال مساعد وزير الخارجية داني ايالون للاذاعة العامة: «هناك خطر من «حزبلة» الجيش اللبناني اذ إن الجيش بدا يتصرف مثل حزب الله، واذا نجح حزب الله في السيطرة على الجيش فسيكون علينا التعامل (مع الجيش) بشكل مختلف تماماً». وعن المحاولات الاسرائيلية لإقناع الولاياتالمتحدة وفرنسا بالامتناع عن بيع اسلحة متطورة الى الجيش اللبناني، قال ايالون لوكالة «فرانس برس» انه «ملف حساس جداً. نحن على اتصال دائم مع اصدقائنا الاميركيين في هذا الشأن لكنني لا استطيع البوح بأكثر من ذلك». وقال وزير التجارة والصناعة الإسرائيلي بنامين بن إليعازر إن إسرائيل غير معنية بتصعيد عسكري مع لبنان أو عند الحدود الجنوبية مع قطاع غزة، مؤكداً أنه «لا يمكن أن تُضرب بيوتنا بالنيران، وأن نقول لهم شكراً، نحن الآن نخوض مفاوضات سلام». وفي حديث الى الاذاعة الإسرائيلية قال: «عليهم أن يعلموا أنه مقابل أي خرق أمني، ستكون هناك ضربة قوية، فإذا حاول الفريق الآخر استغلال الوضع من اجل إيقاعنا في كمائنه، فسيتلقى في المقابل ضربات انتقامية، وهذا ما يجب أن يعرفه الطرف الآخر». وعن الاشتباك مع الجيش اللبناني، قال بن اليعازر: «يجب أن نبذل ما بوسعنا من أجل استيعاب الحدث ونجعله حادثاً منعزلاً، ولسنا معنيين بالتصعيد العسكري في الوقت الراهن، ولدينا رغبة في خلق أجواء مناسبة من أجل عملية المفاوضات»، مؤكداً ضرورة «إرسال رسائل تهدئة إلى جميع الجهات، تبدي فيها إسرائيل رغبتها في الهدوء والحوار والسلام». وفي القاهرة، دان اتحاد المحامين العرب الاعتداءات العسكرية الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، داعياً «المجتمعين العربي والدولي إلى التضامن مع لبنان وتأكيد حقه في الدفاع عن سيادته ضد أي اعتداء أو عدوان وإدانة ما تعرض له من اعتداءات من جانب الجيش الإسرائيلي».