بدأ مخرج «عن الآلهة والبشر» حياته الفنية ممثلاً، حيث قام بأدوار متفاوتة في أكثر من ثلاثين فيلماً، لكنه مع بداية عقد التسعينات من القرن العشرين، وكان أضحى في الرابعة والعشرين من عمره (ولد عام 1967) تحول الى الإخراج بعد أن شارك في كتابة عدد من السيناريوات. وكان فيلمه الأول «شمال» (1991) لفت الأنظار من دون أن يثير اهتماماً كبيراً، باستثناء كونه فيلماً ذا نزعة روحية في زمن باتت فيه السينما الروحية شبه مختفية. لكنه بعد أربع سنوات قدّم، ومن خلال مهرجان «كان» (1995) فيلمه الكبير الأول «لا تنسَ انك سوف تموت» الذي اعتبر دماً جديداً في السينما الفرنسية وفاز بالكثير من الجوائز وأهمها «جائزة لجنة التحكيم الكبرى» في «كان» ثم جائزة جان فيغو. وفي عام 2000 عرض فيلمه «حسب ماثيو» في مهرجان البندقية حيث كان من الأفلام التي رشحت جدياً لجائزة «الأسد الذهبي». أما فيلمه «الملازم الصغير» (2006) فقد رشح لجائزتي أفضل سيناريو وأفضل اخراج من جوائز السيزار لذلك العام. وتبدو كل هذه الأفلام في ديناميتها ولغتها التأملية وأبعادها الميتافيزيقية، واضحة كانت أو مضمرة، تبدو وكأنها مهدت لفيلمه الأخير «عن الآلهة والبشر»، الذي دفع كثراً بعد اعلان نتائج دورة «كان» الأخيرة الى الاحتجاج لعدم حصوله على السعفة الذهبية. غير أن كزافييه بوفوا، لم يبدُ مبالياً كثيراً بهذا «الظلم» فبالنسبة اليه كان همه الرئيس أن يصل هذا الفيلم الى الجمهور النخبوي والجمهور العريض على قدم المساواة، وان تصل رسالته، الداعية الى الانسجام الروحي بين البشر، والكف - «في الغرب خصوصاً» كما قال - عن توجيه أبشع أنواع الاتهامات الى الإسلام والمسلمين الذين هم «أول من يقف ضد الإرهاب وأعمال العنف، ما يجعل كل ما يقال عنهم أشبه بمحرك لهم يدفعهم في اتجاه قطيعة مع الغرب إذ يحسونه ظالماً لهم، مواصلاً ظلمه التاريخي الذي بدأ مع الحروب الصليبية ليصل الى القضية الفلسطينية» حسبما قال ل «الحياة»، خلال دردشة على هامش العرض المكانيّ لفيلمه.