في إطار احتفالية «بيروت عاصمة عالمية للكتاب» وبالتعاون مع وزارة الثقافة اللبنانية نظّم «مرصد بيروت الحضري» ندوة متعددة الأصوات بعنوان «النصوص المطبوعة ودورها في صون الموروث الثقافي وتوظيفه في خدمة المجتمع». وشارك في الندوة خمسة عشر أكاديمياً واختصاصياً، انتدوا لمدة يوم واحد (الثلثاء 20/4/2010) في بيروت. وتوزعت المداخلات على جلسات ثلاث هي: الفنون الجميلة، العمارة والنسيج الاجتماعي، فنون القول والحرف والصنائع. المسائل الثقافية التي أثيرت تناولت رصد معالم الموروث الثقافي وقراءته بعيون علوم العصر واستعراض مضامين المؤلفات الصادرة بهذا الشأن عن المنتدين أنفسهم. وتعميماً للفائدة، رغب «مرصد بيروت» في توثيق أعمال هذه الندوة في كتاب يوضع بتصرف المهتمين، فتولى الباحث نادر سراج جمع المداخلات التي ألقيت في الجلسات الثلاث، أو تلك التي زودها بها زملاء حالت بينهم وبين مشاركتهم في الندوة ظروف قاهرة. ووافقت المنسقية العامة لبيروت عاصمة عالمية للكتاب بدعم إصدار الكتاب عن منشورات «الدار العربية للعلوم - ناشرون»، هي إذاً، جهد جماعي يعكس جدية الباحثين والباحثات الذين لبُّوا دعوة «مرصد بيروت» للمشاركة في يوم علمي ذي طابع انتروبولوجي حفل بالمداخلات الرصينة والأبحاث الموثَّقة والنقاشات العلمية المشفوعة بالعروض البصرية الشارحة. ثمة العديد من المسائل والتساؤلات التي طرحتها الندوة، وقد أظهرت مجريات النقاش أن المرتكزات التي انطلق منها الباحثون عديدةٌ وخصبة، وهي تتكامل في عناصرها، وإن بدت شديدة التنوع في إطارها العام. فالحرفة اليدوية، والمنشأة المعمارية، واللوحة الفنية، والصورة الفوتوغرافية، والطابع البريدي، والمأثور الشعبي، وألفاظ الحياة العامة، والتقاليد والمعتقدات الشعبية، والسوالف البدوية، هي في محصلة الأمر فرع على أصل من الموروثات، أو الموروثات الثقافية. وسعت الندوة الى تأمل تاريخية تشكل أو تطور هذه المكونات الأساسية المستمرة في مناحي الثقافة اليومية المعيشة، وفي البحث عن صلة الأدوار المنوطة بها بمسارات الحياة الحاضرة. وسلط الضوء على الأهمية التي ترتديها في فهم أفضل للارتقابات الهادفة الى تفسيرٍ أعمق لكثير من الظواهر الثقافية واللغوية التي تسم طرائق العيش وسبل التفكير، وترسم معالم سُلَّم القيم. وقد أجمع المشاركون على تأكيد حاجة الأفراد والجماعات الى الاجتماع والتعاون والتباسط في الحُجّة والرأي بغية وعي الذات وفهم الآخر وقبول تميّزه. فهكذا يحقق الناس مسلمات وجودهم الحضاري المترسخ بجذوره الثقافية في هذه البقعة الجغرافية التي شهدت نزول رسالات سماوية وانبلاج حضارات انسانية، وتلاقي ثقافات شديدة الخصوبة والتنوع. وقد أسهمت جميعها في تشكيل الوعي الجمعي، وفي تظهير مكونات ثقافتنا العربية الإسلامية.