حمّلت إسرائيل الحكومة اللبنانية المسؤولية عن حادث تبادل إطلاق النار بين جيشها والجيش اللبناني أمس قرب بلدتي العديسة والطيبة اللبنانيتين، واعتبرته «خرقاً سافراً لقرار مجلس الأمن الدولي 1701»، فيما حذر معلقون في الشؤون العسكرية من أن يمهد الحادث لاندلاع حرب على الحدود. وطبقاً للرواية العسكرية الإسرائيلية فإن أفراد الجيش الإسرائيلي كانوا يقومون بعملية اعتيادية تضمنت أعمالاً هندسية قبالة السياج الأمني «فطالبهم الجنود اللبنانيون بمغادرة المكان بداعي انهم دخلوا الاراضي اللبنانية، وعندما رفض جنود الجيش الإسرائيلي مغادرة المكان، اطلقت القوة اللبنانية النار وقذائف «آر بي جي» باتجاههم فردت دبابة للجيش بإطلاق عدة قذائف باتجاه منطقة العديسة». وأفادت وسائل الإعلام الاسرائيلية أن دوي انفجارات سُمع في المستوطنات المحاذية للحدود مع لبنان، التي سارع بعض سكانها إلى دخول الملاجئ، ما أثار شكوكاً بوقوع قذائف صاروخية فيها إلا أن قائد المنطقة الشمالية في الشرطة الإسرائيلية نفى لاحقاً ان تكون منطقة «اصبع الجليل» تعرضت لأي هجوم صاروخي مضيفاً أنه لم يتم العثور على شظايا قذائف أو صواريخ، داعياً السكان إلى مواصلة حياتهم كالمعتاد. وقال رئيس «المجلس الإقليمي - الجليل الأعلى» للتلفزيون الإسرائيلي أهرون فالنسي إن سكان المستوطنات أُدخلوا إلى المناطق الآمنة بأوامر من الجيش «الذي سبق أن جهزَنا لمثل هذا الوضع، ونحن قلقون فعلاً». وأعلن رئيس بلدة كريات شمونه أن الملاجئ في المدينة جاهزة لاستقبال سكانها على رغم أن الجيش لم يصدر أية تعليمات بدخول الملاجئ. وأفادت الإذاعة العبرية أن الكثيرين من سكان هذه البلدات تركوا أماكن العمل وعادوا إلى بيوتهم كما أن جموع المستجمين على شواطئ البلدات الشمالية غادروها مع شيوع نبأ تبادل النيران. وأفادت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اتصل بقادة الجيش للاطلاع على ما جرى وتقويم الأوضاع. وأضافت أن وزارة الخارجية أجرت اتصالات مع قيادة القوات الدولية في جنوب لبنان. وجاء في بيان أصدرته وزارة الخارجية الإسرائيلية ان إسرائيل تعتبر اطلاق النار على جنودها «خرقاً سافراً لقرار مجلس الامن 1701» وأنها نسقت مع قوات «يونيفيل» العملية التي قام بها الجيش. وأضاف البيان أن إسرائيل ترى الحكومة اللبنانية مسؤولة عن الحادث وأنها تحذرها من عواقبه. وتابع أن وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان أصدر تعليماته إلى السفير الإسرائيلي في الأممالمتحدة لتقديم شكوى ضد لبنان، وأنه اعتبر الحادث «واحداً من انتهاكات كثيرة لقرارات الأممالمتحدة منذ الحرب (على لبنان عام 2006) وفي مقدمها التسلح المتعاظم لحزب الله في جنوب لبنان». ورأى معلقون في الشؤون العسكرية حادث أمس «موضعياً» لكنهم حذروا من اندلاع وضع خطير في الأيام المقبلة، «في حال لم تعمل الحكومتان اللبنانية والإسرائيلية على خفض لهب النار» كما كتب عاموس هارئيل في «هآرتس» مضيفاً أن «(الأمين العام لحزب الله السيد حسن) نصرالله قد يسكب الزيت على النار». وأشار إلى أن حادث أمس هو الأخطر من نوعه منذ ثلاث سنوات «وعلى رغم أنه حادث موضعي إلا أنه ينطوي على احتمالات اشتعال خطيرة في الأيام المقبلة». وأشار المعلق إلى أن الحادث وقع في «جيوب» تقع بين الخط الأزرق (الحدود الدولية) والسياج الأمني على الحدود «وهي جيوب تقع من وجهة نظر القانون الدولي تحت السيادة الإسرائيلية». وأضاف أنه منذ انتهاء الحرب الأخيرة على لبنان «غيّر الجيش الإسرائيلي سياسة نشاطه في تلك الجيوب وبات يحرص على إظهار وجوده هناك من أجل الحفاظ على السيادة الإسرائيلية فيها». وزاد أن توغل الجيش الإسرائيلي هذه الجيوب يتم بتصديق من المستويين السياسي والعسكري «كأنه عملية عسكرية بكل معنى الكلمة... وقوات اليونيفيل وحتى الحكومة اللبنانية بقدر ما تقران بسيطرة إسرائيل على الجيوب، لكن هذه التوغلات تثير الاحتكاك والتوتر في كل مرة حيال النقاش بين لبنان وإسرائيل حول الموقع المحدد للحدود». وتابع المعلق أن الفترة الأخيرة شهدت توتراً متصاعداً بين الجيشين اللبناني والإسرائيلي على طول الحدود وبالذات في الجيوب «إزاء التوجه العدائي للجيش اللبناني، خصوصاً الكتيبة 9 التي معظم ضباطها من الشيعة، بداعي أن سلوك الجيش الإسرائيلي استفزازي». وأضاف أن وقوع الحادث بين الجيشين الإسرائيلي واللبناني وليس مع «حزب الله» يعزز فرص تخفيف التوتر «لأن الحكومة اللبنانية ليست لها مصلحة في مواجهة عسكرية مع إسرائيل». وتابع أن المشكلة قد تكبر «لأن هناك لاعباً ثالثاً في هذه الأزمة، هو حزب الله الذي يجد نفسه في ضائقة في الأسابيع الأخيرة» على خلفية التوقعات بصدور قرار المحكمة الدولية باتهام قياديين فيه بقتل رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري، «وعليه فإنه في حال قرر نصرالله أن يصب زيتاً على النار فسيكون من الصعب إخمادها».