قبل ساعات من الخطاب المرتقب لأمين عام حزب الله اللبناني، في ذكرى "انتصار المقاومة اللبنانية على اسرائيل"، وفي حادث يعتبر الأخطر من نوعه منذ حرب تموز /يوليو 2006. اشتبك جنود من الجيش اللبناني مع جنود إسرائيليين اليوم الثلاثاء وتبادلوا إطلاق النار والقذائف في قرية العديسة الحدودية. وقال مسؤول أمني ان "الاسرائيليين اطلقوا اربع قذائف سقطت قرب موقع للجيش اللبناني في قرية العديسة فيما رد الجيش على مصادر النيران". وأفادت مصادر أمنية لبنانية عن استشهاد ثلاثة عناصر من الجيش اللبناني في استهداف إسرائيلي لناقلة جند، ما أدى إلى احتراقها بالكامل، واستشهد الصحافي في جريدة الاخبار اللبنانية عساف ابو رحال، إضافة إلى إصابة جنديين إسرائيليين على الأقل في الاشتباكات. وكانت قناة "المنار" قد أكدت أن أحد القتلى الاسرائيليين هو ضابط في الجيش. وحمّلت إسرائيل الحكومة اللبنانية المسؤولية عن حادث تبادل إطلاق النار بين جيشها والجيش اللبناني أمس على الحدود بين البلدين قرب بلدتي العديسة والطيبة اللبنانيتين، واعتبرته "خرقاً سافراً لقرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701"، فيما حذر معلقون في الشؤون العسكرية من أن يمهد الحادث لاندلاع حرب على الحدود. وطبقاً للرواية العسكرية الإسرائيلية فإن أفراد الجيش الإسرائيلي كانوا يقومون بعملية اعتيادية تضمنت أعمالاً هندسية قبالة السياج الأمني "فطالبهم الجنود اللبنانيون بمغادرة المكان بداعي انهم دخلوا الاراضي اللبنانية، وعندما رفض جنود الجيش الإسرائيلي مغادرة المكان، اطلقت القوة اللبنانية النار وقذائف ار. بي. جي باتجاههم فردت دبابة للجيش بإطلاق عدة قذائف باتجاه منطقة العديسة". ولم يوضح الجيش ما إذا كانت وقعت إصابات في أوساط جنوده. وأفادت وسائل الإعلام العبرية أن دوي انفجارات سُمع في المستوطنات الإسرائيلية المحاذية للحدود مع لبنان، التي سارع بعض سكانها إلى دخول الملاجئ، ما أثار شكوكاً بوقوع قذائف صاروخية فيها إلا أن قائد المنطقة الشمالية في الشرطة الإسرائيلية نفى لاحقاً ان تكون منطقة "اصبع الجليل" تعرضت لأي هجوم صاروخي مضيفاً أنه لم يتم العثور على شظايا قذائف أو صواريخ، داعياً السكان إلى مواصلة حياتهم كالمعتاد. وقال رئيس "المجلس الإقليمي- الجليل الأعلى" للتلفزيون الإسرائيلي أهرون فالنسي إن سكان المستوطنات أُدخلوا إلى المناطق الآمنة بأوامر من الجيش "الذي سبق أن جهزَنا لمثل هذا الوضع، ونحن قلقون فعلاً". وأعلن رئيس بلدة كريات شمونه أن الملاجئ في المدينة جاهزة لاستقبال سكانها بالرغم من أن الجيش لم يصدر أية تعليمات بدخول الملاجئ". وأفادت الإذاعة العبرية أن الكثيرين من سكان هذه البلدات تركوا أماكن العمل وعادوا إلى بيوتهم كما أن جموع المستحمين على شواطئ البلدات الشمالية غادروها مع شيوع نبأ تبادل النيران. وأفادت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اتصل بقادة الجيش للاطلاع على ما جرى وتقويم الأوضاع. وأضافت أن وزارة الخارجية أجرت اتصالات مع قيادة القوات الدولية في جنوب لبنان. وجاء في بيان أصدرته وزارة الخارجية الإسرائيلية ان إسرائيل تعتبر اطلاق النار جنودها "خرقا سافرا لقرار مجلس الامن الرقم 1701" وأنها نسقت مع قوات اليونيفيل العملية التي قام بها الجيش. وأضاف البيان أن إسرائيل ترى في الحكومة اللبنانية المسؤولة عن الحادث وأنها تحذرها من عواقبه. وتابع أن وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان أصدر تعليماته إلى السفير الإسرائيلي في الأممالمتحدة لتقديم شكوى ضد لبنان، وأنه اعتبر الحادث "واحداً من انتهاكات كثيرة لقرارات الأممالمتحدة منذ الحرب (على لبنان عام 2006) وفي مقدمها التسلح المتعاظم لحزب الله في جنوب لبنان". وأشار المعلق إلى أن الحادث وقع في "جيوب" تقع بين الخط الأزرق (الحدود الدولية) والسياج الأمني على الحدود "وهي جيوب تقع من وجهة نظر القانون الدولي تحت السيادة الإسرائيلية". وأضاف أنه منذ انتهاء الحرب الأخيرة على لبنان "غيّر الجيش الإسرائيلي سياسة نشاطه في تلك الجيوب وبات يحرص على إظهار وجوده هناك من أجل الحفاظ على السيادة الإسرائيلية فيها". وزاد أن توغل الجيش الإسرائيلي هذه الجيوب يتم بتصديق من المستويين السياسي والعسكري "كأنه عملية عسكرية بكل معنى الكلمة.. وقوات اليونيفيل وحتى الحكومة اللبنانية بقدر ما تقران بسيطرة إسرائيل على الجيوب، لكن هذه التوغلات تثير الاحتكاك والتوتر في كل مرة حيال النقاش بين لبنان وإسرائيل حول الموقع المحدد للحدود". وحمل الجيش اللبناني "الغطرسة" الاسرائيلية مسؤولية الاشتباكات الدموية التي وقعت عند الحدود بين لبنان واسرائيل. وقال متحدث باسم الجيش لوكالة فرانس برس "نحمل المسؤولية لغطرسة العدو الاسرائيلي". وكان المتحدث يرد على تحميل اسرائيل الجيش اللبناني مسؤولية الاشتباكات عند اطراف قرية العديسة الحدودية التي قتل فيها ثلاثة جنود لبنانيين وصحافي واصيب خلالها جنود اسرائيليون. وحذرت اسرائيل لبنان ايضا من "العواقب" اذا وقع مزيد من الاضطرابات على طول حدودها الشمالية، علما ان هذه الاشتباكات هي الاكثر دموية منذ نزاع العام 2006 بين اسرائيل وحزب الله. ودانت سورية "العدوان الاسرائيلي" على الاراضي اللبنانية معتبرة انه يعكس قلق الدولة العبرية من "بوادر الاستقرار" في لبنان بعد القمة اللبنانية السعودية السورية. ونقلت وكالة الانباء السورية (سانا) عن مصدر رسمي مسؤول ان سورية "تدين بقوة العدوان الاسرائيلي السافر على الاراضي اللبنانية". واضاف ان "هذا العدوان يعكس قلق اسرائيل من بوادر الاستقرار الذي يشهده لبنان بعد القمة الثلاثية التاريخية" الاثنين بين الرئيس اللبناني ميشال سليمان والعاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس السوري بشار الاسد. واكد ان سورية "تؤكد وقوفها الى جانب لبنان الشقيق في التصدي لهذا العدوان الغاشم وتطلب من الاممالمتحدة والمجتمع الدولي التدخل لادانة ووقف هذا العدوان". وقالت وزارة الخارجية المصرية في بيان إن الوزير أحمد أبو الغيط أجرى اتصالا هاتفيا مع رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري "للاطلاع على تطورات الموقف... والتاكيد على تضامن مصر الكامل مع الحكومة اللبنانية في مواجهة الخروقات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية." وأضاف البيان أن أبو الغيط شدد في تصريحات صحفية على ضرورة " وقف الاشتباكات فورا وضبط النفس ومنع أي تدهور للموقف." وتابع البيان أن أبو الغيط عبر عن ثقته بقدرة قوات الأممالمتحدة العاملة في جنوب لبنان على لعب دورها في تهدئة الموقف واحتواء الاشتباكات ومنع تكرار "الخروق الإسرائيلية في المستقبل."