يرى الكثير من النقاد بأن الأفلام التي تتجاوز مدتها حاجز الساعتين تفقد تركيز المتابعين لها بشكل تدريجي، لكن فيلم «إنسبشين» أو «إلهام» يجبر المشاهد على كسر قاعدة النقاد الشائعة، فمخرجه كريستفور نولن الذي التزم الصمت طوال عامين -المدة التي استغرقها إعداد الفيلم- رافضاً التحدث عن العمل أو عرض أي مشاهد منه حتى ضمن حملات تسويقية، وبحسب ما يقول في حواره التلفزيوني الأول بعد عرض الفيلم كان واثقاً بأن «إلهام» قادر على التسويق لنفسه بعد انطلاق عرضه، إذ كان حريصاً من البداية على وضع كل إمكانات هولييود في فيلم واحد يمتلك المشاهد بتشويقه وإثارته من اللحظة الأولى وحتى النهاية وهو ما يبدو بأن الفيلم نجح في تحقيقه. ف«إنسبشين» الذي انطلق عرضه قبل ثلاثة أسابيع فقط في أميركا يتصدر اليوم شباك التذاكر الأميركي بعد أن زادت مدخولات أسبوعه الثالث عما حققه في الأسبوع الأول للعرض، القصة التي كتبها مخرج الفيلم نولن جاءت جديدة ومبتكرة لتمتزج بحبكة إخراجية عالية لم تكن إجادتها صعبة مع لعب الممثل الشهير ليناردو ديكابريو لبطولة الفيلم بأداء اعتبره الكثيرون واحداً من أفضل ما قدمه ديكابريو طوال مسيرته الفنية. فكرة الفيلم التي تعالج سينمائياً للمرة الأولى تدور حول عصابة تختص في سرقة الأفكار من صانعيها بعد الدخول لأحلامهم وكشف أعمق أسرارهم، ويتضح من خلال المقاطع التسويقية للفيلم بأن مخرجه حرص على كشف أقل قدر ممكن من الفيلم رغبة في الإبقاء على التشويق وعدم كشف تفاصيل العمل. وعلى رغم أن غياب الحملات التسويقية الكبيرة للفيلم أسهمت في غياب اسمه عن نقاشات عدد من الصحف والمجلات المختصة بالأفلام إلى أن ما تبع طرحه من أراء نقدية أسهم في دعم تصدر الفيلم لشباك التذاكر بشكل سريع. إذ اعتبر الكثير من النقاد بأن العمل كان مميزاً ومبتكراً وهو ما تؤكده مجلة «بوكس أوفيس» التي منحت الفيلم 100 نقطة، وهي العلامة الكاملة للتقويم: «على صعيد الابتكار والإبداع التصويري والأداء المميز فيلم «إنسبيشن» هو فيلم الصيف الأول فيلم العام الأول فيلم الأحلام». بينما لم تخالفها أكثر من 11 مجلة بينها مجلات شهيرة مثلك «فارايتي» و «نيويورك بوست» حينما اتفقت جميعاً على منح الفيلم العلامة الكاملة في تقويمها وهو أمر لا يتكرر كثيراً إذ يندر أن تعطي أكثر من مجلة التقدير الكامل لفيلم واحد أياً كان تميزه. وذهبت آراء النقاد إلى اعتبار الفيلم واحداً من أكثر الإفلام تطوراً في العالم، واعتبر بعضهم بأن الحبكة التي قدمها الفيلم على صعيد القصة المعقدة من النادر تكرارها بينما يرى البعض الآخر بأن الأسماء الكبيرة التي وقفت خلف الفيلم أسهمت في ظهوره بصورة قوية، مكنت مخرجه من التفوق على نفسه بعد تجربته الأخيرة في الجزء الأهم لأفلام «باتمان» «دارك نايت» والذي لا يزال حتى اليوم في المركز الثالث بين الأفلام الأعلى دخلاً في تاريخ السينما، بينما أكد نقاد بأن الفيلم سيشكل مع مرور الأيام ظاهرة سينمائية مستقله تضاهي في حضورها أفلام كان لها الوقع نفسه مثل «ماتركس» في جزئه الأول أو «أفاتار» أو غيرها من أفلام الخيال العلمي مع أفضلية تحسب ل«إنسبيشن» كونه أقرب إلى الواقع بمراحل من تلك الأعمال. لكن الفيلم لم يسلم من بعض النقد اللاذع حاله في ذلك حال كل الأفلام فناقد مجلة «نيويورك أوبسرفر» الشهيرة ريد روكس عنون مقالة عن الفيلم بالقول: «هلا تفضل أحدكم بشرح «إنسبشين لي». وأضاف: «بعد أكثر من ساعتين من المشاهدة لم أزل عاجزاً عن إدارك حقيقة الفيلم أنا لم أفهم شيئاً، ولست على استعداد لتكرار التجربة». بينما يقول ناقد مجلة «نيويورك ماغزين»: «من الصعب أن يتابع أي مشاهد الفيلم تحت عبء الإحساس بأنه قد يفقد القدرة على فهم الأحداث متى أخطأ في تفويت أياً من الجمل التي يتبادلها الممثلون، شكّل فهم الفيلم عبئاً ثقيلاً علي وأتوقع بأن الكثير من المشاهدين يشاركونني في ذلك»، الغريب في هذه الأراء بأنها اقتصرت على مجموعة من النقاد، إذ يبدو بأن الأغلبية بين المتابعين نجحوا في فهم الفيلم على رغم أن بعضهم اضطر إلى تكرار التجربة وبين المواقع الشهيرة على شبكة الإنترنت لأراء القراء تراوحت درجات تقويم الفيلم بين العشر والتسع درجات، فموقع «IMDB» الشهير ومن خلال أكثر من 100 ألف تصويت منح الفيلم 9,2 ما يضعه في ترتيب الموقع نفسه في مركز متقدم على أفلام شهيرة مثل العراب في جزئه الثالث و تايتنك ودارك نايت، وهو ما يسجل للفيلم. بشكل عام يسجل «إنسيبشن» نفسه كتجربة مهمة لمحبي سينما هوليوود، وعلى المشاهد أن يكون جاهزاً لساعتين من التركيز التام ليمتلك القدرة الكافية على فهم أحداث الفيلم وتقلباته التي يصعب التنبوء بها.