دفع تنحي زعيم المقاتلين المتشددين في منطقة القوقاز دوكا أوماروف عن موقعه الى تكهنات بزيادة سخونة الموقف في المنطقة وتوقع موجة عنيفة من الاعتداءات. وتحدثت مصادر عن خلافات في أوساط المقاتلين أدت الى إبعاد أوماروف، فيما حذر آخرون من توجه لدى أوساط تدعم نشاط الانفصاليين الى تصعيد الوضع في القوقاز. وفي تطور غير مسبوق منذ انفجار الوضع في المنطقة في العام 1994، ظهر زعيم المقاتلين المتشددين في تسجيل فيديو بثّه موقع «صوت القوقاز» القريب من الانفصاليين وأعلن تنحيه عن موقعه، مشيراً الى «حاجة الجهاد الى زعيم شاب أكثر حيوية وقادر على مواصلة الطريق بنشاط». ورشح أوماروف، الذي أدرجته الولاياتالمتحدة أخيراً على لائحة الإرهابيين الدوليين، واحداً من أبرز زعماء الحرب المقربين اليه لتولي منصب «أمير القوقاز» وهو اسلام بك فادالوف . وظهر الزعيم الشيشاني في الشريط محاطاً بفادالوف وزعيم حرب عربي لم يعلن اسمه، وقال إن تنحيه «لا يعني أن أغادر ساحة الجهاد بل سأكون الى جانب اخواني وأواصل اداء واجبي». اللافت ان الشريط الذي صور في منطقة غابات كثيفة تخفي موقع تحصن المقاتلين، كان موجهاً بالتحديد الى قادة المجموعات المقاتلة في داغستان وكاباردينا بالكاري وانغوشيتيا وهي جمهوريات تتمتع باستقلال ذاتي داخل الاتحاد الروسي. وخاطبهم أوماروف قائلاً إن قراره جاء بعد «إجتماع ضم الاخوان في مناطق عدة وخرجنا بهذا القرار ونرجو ان يحصل فادالوف على دعمكم»، في إشارة واضحة الى ان الهدف من تصوير الشريط طلب «البيعة للأمير» الجديد، كما حدّد بوضوح المرافق الذي ظهر الى جوار أوماروف في كلمة موجزة أدلى بها بالروسية ودلت لهجته الى أصله العربي، وعقب فيها على اعلان قرار التنحي، واضاف إن «أخينا أوماروف مضطر لإخلاء موقعه لاسباب صحية ونحن ندعم قراره وندعوكم لمبايعة الأمير الجديد». وفور بث الشريط المسجل تباينت الآراء حول أسباب القرار وظهرت فرضيات عدة، أشار بعضها الى ان أوماروف الذي تولى قيادة المجموعات المتشددة في الشيشان بعد مقتل زعيم الحرب شامل باسايف «لا يمتلك نفوذاً قوياً وقدرة على السيطرة وفرض آرائه» كما أشار وزير الداخلية الشيشاني رسلان ألخانوف، موضحاً أن «المعطيات الأمنية المتوافرة لدينا تؤكد أنه (أوماروف) فقد منذ فترة قدرته على التأثير ولا يحكم عملياً إلا مجموعة صغيرة في الشيشان». وأشار الى أن أوماروف بخلاف باسايف «بدا عاجزاً عن ادارة شؤون المقاتلين وتوحيد كلمتهم وهو ما دلت اليه الانقسامات المتعددة التي نمتلك معلومات تؤكدها». كما أشارت فرضية أخرى الى أن أوماروف أُصيب خلال مواجهات جرت أخيراً، و»ربما يكون نقل من المنطقة للعلاج والشريط المسجل هو عبارة عن وصية يسجلها قادة الانفصاليين في وقت سابق دائماً تحسباً لمقتلهم او اصابتهم فجأة». ومعلوم أن أوماروف أسس في العام 2007 ما عرف بإسم «إمارة القوقاز» لتوحيد نشاط المجموعات المتشددة في كل الجمهوريات القوقازية وعيّن نفسه «أميراً» عليها. وعلى رغم تراجع قدرة المقاتلين على شن عمليات عسكرية واسعة النطاق فإن «الامارة» تمكنت من تفجير حرب «العبوات الناسفة» وتنشيط الهجمات على المواقع الفيديرالية الروسية في مناطق عدة من القوقاز، واستأنفت أخيراً اسلوب الاعتداءات الانتحارية في سلسلة هجمات كان أبرزها اعتداء مترو موسكو المزدوج في آذار (مارس) الماضي. واعتبر خبراء أمنيون روس أن «الجهات التي تتولى دعم وتمويل نشاط الانفصاليين تسعى الى تفجير الوضع أكثر في المنطقة واداء أوماروف ليس كافياً لذلك». وحذر مصدر أمني من احتمال ان تكون المنطقة مقبلة على تطورات ساخنة، مشيراً الى أن نقل صلاحيات القيادة «تتبعها عادة تغييرات في التكتيكات وربما الاستراتيجيات المتبعة ما يجعل مواجهة الموقف أصعب على الاجهزة المختصة». ولفت مصدر أمني الى ان اختيار فادالوف تحديداً يعزز تلك المخاوف، ويوحي بأن جهات تدعم الانفصاليين تسعى الى التصعيد، خصوصاً ان الرجل معروف كزعيم حرب قوي قاتل الروس منذ بداية الحرب الأولى في العام 1994، وكان مقرباً من الزعيم العربي «خطاب» الذي قتله الروس في العام 2002، كما انه كان من اوائل من «بايعوا» أوماروف عند تأسيس «الامارة» في العام 2007، وهو مسؤول بشكل مباشر عن عدد كبير من الاعتداءات الدموية كما تقول الاجهزة الروسية التي تلاحقه منذ سنوات. ويعزز من هذه الفرضية ان فادالوف من بلدة اشخوي اورت التابعة لمدينة غوديرميس وهي مسقط رأس الرئيس الشيشاني رمضان قادروف ومركز عشيرته. واللافت بحسب المصدر الامني ان علاقات ثأر وعداوات قديمة قامت بين العائلتين وهو أمر اعتبره المصدر مؤشراً مهماً الى ان المطلوب من «الأمير الجديد» اشعال المنطقة بهجمات واعتداءات دموية كبرى، خصوصاً ان سجل نشاطات فادالوف الذي يحظى بتأييد عدد كبير من اقاربه وأبناء عشيرته في المنطقة خلال السنوات الأخيرة، دلّ الى انه شنّ عشرات الهجمات الدموية في هذه المنطقة استهدفت قياديين مقربين من قادروف وعائلته.