انعقد في أنقرة أمس، الاجتماع الدوري لمجلس الشورى العسكري التركي بحضور رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان وقائد الأركان الجنرال الكر باشبوغ، وذلك في ظروف استثنائية بسبب قرار محكمة الجزاء في إسطنبول توقيف 102 عسكري اتهمتهم بالتورط في مخطط «المطرقة» للانقلاب على الحكومة، بينهم 17 جنرالاً كان يتوقع ترقيتهم الى مناصب مهمة. وفيما يمنع القانون العسكري ترقية أي عسكري مسجون حتى ثبوت براءته، أبدى قائد الأركان باشبوغ انزعاجه من قرار المحكمة الذي سيربك خطته الخاصة بالترقيات، ووضع لمساته الأخيرة على قيادة الجيش التي سيغادرها الشهر المقبل بسبب التقاعد. واحتج باشبوغ على قرار المحكمة خلال لقائه عشية اجتماع الشورى رئيس الوزراء أردوغان، ثم الرئيس عبدالله غل بعدما بدا أن أردوغان لم يتجاوب معه، علماً أن باشبوغ يعتقد بأنه من المجحف حرمان المتهمين من ترقياتهم في ظل عدم ادانتهم، وأن استثناءهم من الترفيعات لن يؤثر عليهم فقط بل على عدد من زملائهم أيضاً، لأن التراتبية الوظيفية ستتغير في شكل كبير داخل المراكز العليا في الجيش. ويعتبر العسكريون أن قرار المحكمة الذي جاء قبل أسبوع فقط من اجتماع الشورى يهدف في الأساس الى إحداث تغييرات كبيرة داخل صفوف الجيش، وقطع الطريق على ترقية المشبوهين في تورطهم بالمخطط الانقلابي لمنع وصولهم الى مواقع القرار. وجرت العادة أن يتولى قائد الأركان وحده إعداد لائحة الترقيات والمتقاعدين، ومصادقة رئيس الوزراء على القرارات من دون تدخل. لكن أردوغان وغل حرصا دائماً على وضع تعليق وتسجيل اعتراضهم على قرارات طرد بعض العسكريين في هذه الاجتماعات بحجة انتماءاتهم الإسلامية أو اليسارية، والتأكيد على حق كل من يطرد من الجيش في اللجوء الى القضاء من أجل النظر في وضعه، وهو ما يمنعه قانون القضاء العسكري حالياً. ويمثل الاجتماع أول اختبار حقيقي لمدى تأثير قضايا المخططات الانقلابية على تشكيلة وتركيبة الجيش على صعيد التخلص من مجموعة كبيرة فيه تعارض حكومة حزب «العدالة والتنمية» ذات الجذور الإسلامية. ويتوقع أن يتولى قائد القوات البرية الجنرال ايشيق كوشانار قيادة الأركان خلفاً لباشبوغ مطلع الشهر المقبل. وهو يتبع أيضاً مجموعة الحرس القديم التي انتمى إليها باشبوغ وسلفه يشار بيوك أنيط، وجميعهم لا يثقون بحكومة «العدالة والتنمية»، لكنهم مضطرون للتعاون معها في ظل دعم واشنطن لها وشعبيتها القوية وسيطرتها على مؤسسات الدولة.