توالت المواقف السياسية المرحبة بالزيارة المزدوجة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس السوري بشار الأسد الى لبنان أول من أمس، وما أسفرت عنه من تمسك باستقرار لبنان. ونوّه الرئيس السابق للحكومة سليم الحص في تصريح باسم «منبر الوحدة الوطنية» ب «لقاء القمة العربية المصغرة التي ضمت في خطوة غير مسبوقة اثنتين من أهم دول القرار في المنطقة»، واعتبر ان «الحدث الفريد أثلج قلوب اللبنانيين ووجدوا فيه فرصة واعدة يرجى ان تنعكس إيجاباً على استقرار المجتمع اللبناني وأن تؤمّن حماية فعالة للسلم الاهلي والوحدة الوطنية اللذين يشكلان إكسير الحياة للبنان المعاصر». ورأى ان «المهم ان يستغل اللبنانيون هذه المناسبة فينصرفون الى توطيد مقومات الوفاق الوطني ويتجاوزون خلافاتهم وينصبون على قضايا التنمية والتطوير على كل مستوى وفي كل مجال». وتوقف الحص عند زيارة أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، فقال: «قائد عربي مميز قام بدور فاعل ومحمود في تمويل إعادة بناء كثير من المرافق الحيوية وإمداد الجنوب اللبناني المنكوب بالعون السخي على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والانسانية». نجار والضمانات الإقليمية ورأى وزير العدل ابراهيم نجار ان «للمرة الأولى في تاريخ لبنان يجري هذا الحشد لقوى إقليمية تأتي خصيصاً الى لبنان لتوجيه رسالة واضحة ألا وهي الاهتمام بالاستقرار في لبنان». وأشار الى أنه «بعد اتفاق الدوحةوالطائف يقود لبنان للمرة الأولى أموره بنفسه من دون تدخل مباشر من الفرقاء الإقليميين المعنيين»، وقال في هذا الصدد ان «المشهد اللبناني يكون متفتتاً مع غياب رعاية إقليمية وضمانات بين القوى الإقليمية». وأشار في حديث الى إذاعة «صوت لبنان» الى أن «حضور الملك عبدالله والرئيس السوري اضافة الى حضور أمير قطر عراب التفاهم والتقارب اللبناني - السوري بضمانة ومباركة فرنسية، تدعو القاصي والداني الى إدراك أن العرب يريدون الحؤول دون تأجيج الصراعات في لبنان»، مشدداً على أن «العرب يريدون تثبيت الاستقرار على رغم ما قيل ويقال عن موضوع المحكمة والقرار الظني المرتقب»، موضحاً أن «اللبنانيين يسمعون ويتفقون مع وجود رعاية إقليمية بهذا الحجم». واعتبر ان ذلك «انتصار لرئيس الجمهورية وبخاصة لرئيس الحكومة سعد الحريري على خلفية زياراتهم المتراكمة والمتتابعة للدول العربية، اضافة الى التقارب السعودي - السوري، ما يعني النظر الى الأمام على رغم الفتنة التي تزرع من خلال هذا التصريح أو ذاك من قبل هذه الدولة أو تلك في ما خص المحكمة». وإذ شدد على أننا «في قمة استقرار لبنان وتطويق توتر المحكمة»، تحدث عما قيل «ان موضوع القرار الظني خرَّب لبنان. القرار الظني كان موضع نقاش حول ما إذا كان الاستقرار أهم من الحقيقة أم أن الحقيقة أهم من الاستقرار، ما جعل بعضهم يقوم بحملة كلامية استباقية حتى لا يقع في لبنان ما لا نريده». وقال: «ان الذي يحمل سلاحاً اليوم مربك بسلاحه لأنه لا يريد استعمال هذا السلاح في الداخل، والكلام الذي نسمعه اليوم يدل على رفض العودة الى السلاح، إلا ان الطريقة والاخراج والخطاب والمداخلات السياسية تعمل بطريقة تزيد الجو تشنجاً بدلاً من تهدئة الاجواء». ودعا الى رفض الفتنة من خلال «التعبير بطريقة أخرى من دون رفع الإصبع والمخاطبة بهذا الاستكبار والاستعلاء واستحضار ما تعطيه قوة السلاح من جبروت»، ورأى أن «هذا هو الخطأ في معالجة الموضوع وذلك لا يعني ان الكلام هو المدخل الى الفتنة». ووضع التحرك العربي في اطار «طمأنة اللبناني والتشديد على الثوابت»، لكنه رأى أن «لا أحد يضمن شيئاً في لبنان أو المنطقة انما الأكيد هناك إرادة حسنة بطمأنة اللبنانيين لعدم الوصول الى صدام والباقي علينا». ولفت الى أن «شخصيات استبعدت في قصر بعبدا وليس أحزاباً (في مأدبة الغداء التي أقيمت على شرف الملك عبدالله والرئيس الأسد)، وأن ما حصل ليس خطأ بروتوكولياً انما خياطة بروتوكول»، واعتبر أن «المصلحة العليا تقتضي التصرف كرجل دولة حتى لو ان الآخرين لم يتصرفوا إلا بوحي من النفور الشخصي والاختلافات السياسية الضيقة»، وأنه «لو كانت هناك مقاطعة لكانت هناك مشكلة أساسية». حوري: مظلة أمان عربية وأكد عضو كتلة «المستقبل» النيابية عمار حوري «أن النتائج الأبرز للحدث الذي شهدته بيروت تتلخص في التشديد على نهج التهدئة والحوار ودرء الأخطار الخارجية». وشدد في مداخلة عبر محطة «اي ان بي» على وجوب «ان يحصّن لبنان بوحدة وطنية وحوار دائم وتنظيم اختلافاتنا الداخلية»، ورأى أن «الغطاء العربي الذي حصل أول من أمس، «مكن القادة العرب من تكريس مظلة أمان عربية وتأكيد نهج عربي واضح يقول إن أمن لبنان هو جزء من الأمن العربي وأن المصالحة العربية التي تمت في الكويت لم تكن مجرد محطة عابرة بل أساس لهذه المسيرة». وقال: «لا نعلم عن القرار الظني شيئاً ولا عن توقيته وحين يصدر سنقيّمه موضوعياً وعلمياً، وما من أحد وجَّه أي اتهام باتجاه أي فريق داخلي، وبالتالي محاولة الدخول في تفاصيل قرار كهذا من دون أي معطيات ملموسة أمر غير مفيد». وقال عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النيابية بلال فرحات: «عندما نرى أي تلاق عربي وتواصل يؤدي إلى اتفاقات، يجب أن يكون ذلك هدفاً لنا لنحققه في مواجهة الخطر الذي يهدد المنطقة، وهذا ما ينعكس إيجاباً على لبنان والمنطقة». ولفت في حديث الى «أخبار المستقبل» الى «أننا لا نرى انقطاعاً في التواصل السياسي بين تيار «المستقبل» و «حزب الله» وهذا من شأنه أن يعزز الحوار الوطني». وشدد عضو تكتل «لبنان أوّلاً» النيابي عقاب صقر على أنّ «الطرفين السعودي والسوري هما أساس التهدئة في لبنان، والتفاهم بينهما نتيجته مظلّة عربيّة ليست قائمة على تلزيم أحادي لا لسورية ولغيرها للساحة اللبنانيّة، إذ قد احتاج تلزيم كهذا سابقاً إلى قرار أميركي كبير ودولي». واعتبر في حديث الى قناة «الجديد»، ان الزيارة «أدت مفاعيلها الى تبريد الرؤوس الحامية وإعطاء اللبنانيين أملاً بالخروج من الاصطدام عبر الاحتكام إلى المؤسسات اللبنانية، خصوصاً اعتماد التهدئة والحوار ونزع فتيل الانقلاب عن لبنان، وهذه التهدئة تحتاج إلى مناخات لبنانيّة تستوعبها». وأشار صقر إلى أنّ «القمّة السعوديّة - السوريّة هي التي ستحكم مسار الأمور في لبنان»، ولفت إلى أنّ «ما حصل البارحة غيّر مسار الأحداث، وأعتقد أنّ (الامين العام ل «حزب الله») السيد حسن نصرالله يقرأ جيّداً التغيّرات، دخلنا في مسار تسووي كبير رداً على الخطر الإسرائيلي، ويجب أن يكون الجميع على حذر، لا سيّما «حزب الله» للتصدي لما يحاك وذلك عبر شبكة الأمان التي أقامها العرب رداً على رمي إسرائيل لكرة النار في الداخل اللبناني». ووصف عضو كتلة نواب «الكتائب» نديم الجميل قمة بعبدا ب «المهمة وتحمل عدداً من المعاني»، مطالباً بأن «يكون لبنان شريكاً في القرارات الدولية والإقليمية، لأن القمة كانت تبليغاً لمواقف وأعطت صورة جامعة جيدة للعلاقات مع دمشق». وأكد في حديث متلفز أن «القرار الظني قائم بذاته، والمحكمة تسير في شكل طبيعي وأخذت بركة كل البلدان ولا يمكن الملك عبدالله بمفرده إيقافها، والحكم النهائي سيصدر عنها وهي فرصة نهائية لمعرفة من اغتال الشهداء»، سائلاً: «هل التهديد بالفتنة يمنعنا من المطالبة بالحقيقة؟ بالطبع لا، لأننا لا نريد العنف والصفحة الماضية طويت، وأشكّ في ان يقبل المعنيون بأي مقايضة في موضوع المحكمة، والرئيس سعد الحريري من أكثر المتمسكين بمعرفة الحقيقة». وعن استثناء شخصيات من مأدبة غداء بعبدا، سأل الجميل: «كيف تحصل لقاءات للتهدئة مع رؤساء الاحزاب، ثم لا ندعوهم الى قمة ثلاثية للتهدئة؟»، مستغرباً «وجود الوزير سليم الصايغ على أرض المطار»، وقال: «مشاركته في الاستقبال في غير محلها، ولو أعلنت الكتائب انها ستشارك في الاستقبال في قصر بعبدا، لما كنت لأشارك». وشدد الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني - السوري نصري خوري على أن «الرعاية السورية - السعودية المدعومة قطرياً للبنان هي لتأكيد الثوابت اللبنانية ولدعوة اللبنانيين الى الالتزام بهذه الثوابت وأهمها التزام اتفاق الطائف واتفاق الدوحة»، مشيراً في هذا السياق إلى أنّ اتفاق الطائف أكد على علاقات مميّزة مع سورية». وتمنت «جبهة العمل الإسلامي» في لبنان «أن تترجم نتائج قمة بعبدا على الأرض لناحية تثبيت الأمن والاستقرار الداخلي وإبعاد شبح الفتنة الداخلية والمذهبية عن لبنان التي يعمل العدو الصهيوني وأميركا على إشعال نارها ولهيبها من خلال سيف المحكمة الدولية واتهام عناصر من حزب الله بعملية اغتيال الرئيس الحريري». وأشادت الجبهة بما صدر في البيان الختامي للقمة «من دعوة إلى التهدئة والحوار وإفساح المجال أمام معالجة الأمر على أن تكون هذه المعالجة جذرية وليست مرحلية أو تخديرية لكسب المزيد من الوقت لبث السموم وتوتير الأجواء والنفخ ببوق الشحن الطائفي والمذهبي ولمزيد من الاحتقان والتشنجات والاتهامات والتراشق الإعلامي».