أنهت السلطات الأمنية في العراق أمس حظراً للتجول في منطقة الأعظمية شمال بغداد استمر يومين إثر اشتباكات مع مسلحين يُعتقد انهم من عناصر تنظيم «القاعدة» وسط تحذيرات سياسية من تداعيات خطيرة على الوضع الامني جراء الاعتقالات التي تقوم بها الحكومة في المنطقة منذ أيام. واعلنت الحكومة امس انهاء حظر التجول للمركبات والاشخاص وفتح جميع منافذ منطقة الأعظمية شمال العاصمة فيما استمر انتشار القوات الامنية على الطرق والشوارع الرئيسة. وكان عدد من المسلحين هاجموا الخميس الماضي نقطة تفتيش مشتركة من الجيش العراقي والشرطة في شارع عمر بن عبدالعزيز في منطقة الأعظمية بأسلحة رشاشة مختلفة وقتلوا خمسة من افراد الجيش العراقي وثلاثة من الشرطة وأحرقوا جثثهم ما استدعى تدخل لواء البصرة التابع للشرطة الاتحادية وإعلان فرض حظر للتجول في المنطقة. وأعلن المتحدث باسم عمليات بغداد اللواء قاسم عطا اعتقال عدد من المطلوبين الأمنيين المشتبه في ضلوعهم في الهجمات التي شهدتها الأعظمية وأسفرت عن مقتل 16 شخصاً وجرح 14 آخرين. وكشف عطا في مؤتمر صحافي عن كميات من الأسلحة والمتفجرات والمنشورات عثرت عليها القوات العراقية التي قال إنها تعود إلى ما يسمى ب»تنظيم دولة العراق الإسلامية»، خلال عمليات دهم وتفتيش نفذتها القوات الأمنية عصر الخميس على خلفية الهجمات التي شهدتها المنطقة. وأضاف أن «السلطات فرضت طوقاً أمنياً مشدداً حول الأعظمية للبحث عن المتورطين المحتملين في الأحداث التي شهدتها الأعظمية ومحاصرتهم ومنعهم من الهرب إلى خارج المنطقة». وقلّل الوكيل الأقدم في وزارة الداخلية عدنان الأسدي من أهمية الاعمال التي حدثت في الاعظمية مشيراً الى ان «العراق دولة مستقرة ذات سيادة والقوات العراقية تمارس دورها بالشكل الكامل، وما حدث هي عملية «خربشة» وإثارة صورة سلبية بأن العراق غير مستقر». وأعلن مصدر امني عراقي (فرانس برس) ان كاميرا مراقبة خاصة صورت العملية التي نفذها الخميس عناصر في تنظيم «القاعدة» ضد نقاط تفتيش للجيش في منطقة الاعظمية. وقال المصدر، الذي رفض كشف هويته، «عثرنا على كاميرا مراقبة مثبتة قرب محل تجاري في المنطقة، فيها تسجيل كامل للعملية التي تُظهر مسلحين يهاجمون حاجزاً للجيش ويطلقون عليه النار من أسلحة كاتمة للصوت ويزرعون عبوات ناسفة ثم يحرقون جثث الجنود». وتحدثت مصادر امنية عن اعتقال ضابط رفيع في الجيش العراقي ومسؤولين آخرين عن حماية الاعظمية بهدف التحقيق معهم حول الهجوم. الى ذلك حذر زعيم «القائمة العراقية» رئيس الوزراء الأسبق أياد علاوي، من تداعيات وصفها ب»الخطيرة» على الوضع الأمني جراء «الاعتقالات والمداهمات العشوائية» التي طاولت أحياء الأعظمية ذات الغالبية السنية، مطالباً الحكومة باتخاذ إجراءات فورية. وقال علاوي في بيان: «نتابع بقلق بالغ ما يجري من مشاكل وانتهاكات في منطقة الاعظمية»، متهماً قوات عسكرية تابعة لعمليات بغداد بشن «مداهمات واعتقالات عشوائية وواسعة النطاق إضافة إلى تطويق ساحة الإمام الأعظم وشارع عشرين». وأضاف: «يساور الكتلة العراقية خوف شديد من التداعيات الخطيرة لهذه الإجراءات في منطقة عريقة من مناطق بغداد»، بحسب وصفه، مطالباً الحكومة ب»اتخاذ إجراءات فورية وواضحة». وأوضح البيان أن من أهم المطالب «إيقاف العمليات العسكرية والمداهمات العشوائية، وان تكون أي عملية عسكرية مرتبطة ببسط الاستقرار والأمن، وان تكون الاعتقالات بحق الخارجين عن القانون فقط». وطالب علاوي في بيانه «عدم زج الجيش في هذه العمليات على اعتبار أنها قضية غير دستورية، إضافة إلى إجراء تحقيق فوري بما حصل، يشارك فيه ممثلون عن الكتل السياسية لإيقاف هذا التداعي الخطير». وشدد البيان على ضرورة «إطلاق سراح المعتقلين الذين لم تثبت عليهم أي تهمة فوراً»، داعيا الحكومة إلى أن «تتخذ المواقف الشجاعة والتي تؤدي إلى الاستقرار لشعبنا العراقي الكريم، وإبعاد التوترات عنه في ظل ظروف عصيبة تمر بها البلاد». كما وجّه نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي رسالة تعزية الى رئيس الوزراء نوري المالكي بمقتل عدد من منتسبي القوات المسلحة في الاعظمية، مطالباً بملاحقة المجرمين دون هوادة وتقديمهم للعدالة مع ضرورة مراعاة الدستور والقانون في العمليات العسكرية والأمنية وأهمية تجنب الحاق أي نوع من الاذى بالمواطنين الابرياء. وطالب الهاشمي رئيس الوزراء بالتدخل لمنع تعرض أهالي الاعظمية الى حملة عقاب جماعي على خلفية الهجمات. وجاء في الرسالة ايضاً «ينبغي أن تتعامل الجهات المعنية مع الحدث المؤلم بانضباط عالٍ وبمهنية تامة، وأن لا نسمح لغرائز الثأر والانتقام أن تطغى على سلوك القوات المسلحة في تعقب المجرمين أو أن يجري التعامل مع جميع المواطنين باعتبارهم متهمين».