يعترف السياسيون العراقيون بزيادة الرصيد السياسي للزعيم الشيعي مقتدى الصدر بعد فوز كتلته ب40 مقعداً نيابياً. وبأنه اصبح يتحكم بلعبة التوازنات داخل التحالف الشيعي، وبتحديد شكل الحكومة المقبلة. وبالإضافة الى زيارته سورية ولقائه الرئيس بشار الأسد، في مؤشر إلى خروجه من اعتكافه السياسي، حصل الصدر على زخم إضافي، بعدما اتصل به مندوب الأمين العام للأمم المتحدة في بغداد إد ميلكرت للمرة الأولى، وبحث معه في أزمة تشكيل الحكومة. وقالت مصادر في تيار الصدر أنه وميلكرت اتفقا على «ضرورة الإسراع في تشكيل حكومة الشراكة الوطنية ذات الصبغة الخدمية». ويعد هذا الاتصال الدولي تتويجاً لاتصالات محلية وإقليمية اجراها الصدر ، ما كرس الاعتقاد بحجم دوره الكبير في المرحلة المقبلة، بعدما غلب على تياره منذ بداية تشكيله عام 2003 الطابع العسكري، خصوصاً انه أطلق «جيش المهدي» الذي تحول إلى ميليشيا لعبت دوراً كبيراً خلال الفتنة المذهبية بين عامي 2006 و2007. وكان التيار خاض في ايار (مايو) 2004 صداماً مسلحاً مع القوات الأميركية، ما دفع الحاكم المدني بول بريمر الى اصدار مذكرة قبض على الصدر بتهمة المشاركة في اغتيال رجل الدين الشيعي عبدالمجيد الخوئي في النجف. وفي عام 2005 اعلن الصدر مقاطعته الانتخابات النيابية كونها «تجرى في ظل الاحتلال»، الا ان تياره شارك فيها متحالفاً مع «المجلس الأعلى» و»حزب الدعوة» وفاز ب 30 مقعداً من اصل 275 مقعداً برلمانياً. ومع اندلاع العنف الطائفي في البلاد اثر تفجير قبة الإمام الحسن العسكري في سامراء في شباط (فبراير) 2006 وفي خضم موجة العنف اتهم الصدر و»جيش المهدي» بالمشاركة فيها بهجمات طاولت الآلاف من السنة، واعتبر تقرير صدر لوزارة الدفاع الأميركية «جيش المهدي» أكبر «تهديد لاستقرار العراق». وتفاقمت الخلافات بينه وبين الحكومة والأميركيين عام 2008 فشن الجيش العراقي أكبر عملية عسكرية وسط وجنوب البلاد اطلق عليها اسم «صولة الفرسان» طاولت تياره. وهذا أحد أسباب رفضه تجديد الولاية لرئيس الوزراء نوري المالكي واتهامه بأنه «ينكث العهد»، في اشارة الى دور تيار الصدر في وصوله الى السلطة عام 2006. وفشلت كل الجهود لإقناع الصدر بمصالحة المالكي. وقال مصدر مطلع في تصريح الى «الحياة» في 16 تموز (يوليو) الجاري ان «وساطة مكتب المرجع آية الله كاظم الحائري نجحت بإقناع السيد مقتدى بدعم رئيس الوزراء لولاية ثانية». لكن الصدر جدد خلال زيارته الأخيرة لسورية رفضه كل ذلك. النشاط المستجد للصدر مؤشر إلى أنه أصبح الضامن للتحالف الشيعي وصاحب الدور الأساسي في تشكيل الحكومة والعائق الأكبر أمام وصول المالكي إلى رئاسة الوزراء مرة أخرى.