أكد مثقفون حضروا لقاء وزير الثقافة والإعلام الدكتور عادل الطريفي، الذي عقده في نادي جدة الأدبي مساء الأربعاء الماضي، أهمية اللقاء، معتبرين أنه كان مناسبة للتأكيد على عدد من القضايا المهمة، التي تمس بشكل مباشر أولويات المشهد الثقافي في المملكة. ويعقد المثقفون الذين تحدثوا إلى «الحياة» آمالاً على الوزير الشاب، متطلعين إلى ترجمة «رؤية 2030» بشكل عملي يخدم المثقفين والأدباء. وفي اللقاء تطرق الوزير والحضور إلى هيئة الثقافة والمجمع الملكي للفنون وعدد من القضايا المهمة. ويقول الدكتور عاصم حمدان إنها ليست المرة الأولى التي يلتقي فيها بالوزير عادل الطريفي، وإنه سبق له أن التقى به في منزل وزير الثقافة والإعلام الأسبق الدكتور عبدالعزيز خوجة، وإنه حاول في ذلك اللقاء أن يتوجه إليه «بأسئلة أعرف من خلالها رؤيته الاستشرافية في مستقبل الإعلام والثقافة في بلادنا، وكان رده موجزاً بأنه سيواصل عمله البناء على ما تحقق على أيدي من سبقه من الوزراء». وقال حمدان عن لقاء نادي جدة الأدبي: «وجدتني أمام شخصية يلتقي بها الإعلامي بالاقتصادي بالمفكر، كما أنها تملك أدوات تحقيق ما تضمنته (رؤية 2030)، وفي ما يتصل بالجوانب الخاصة بالمنصب العام، الذي يشغله في وقت تمر فيه البلاد العربية بمنعطفات فكرية صعبة. وداعبته قائلاً في مداخلتي إن في بلاد الإنكليز يتوقف الإعلام والصحافة عند شخصيات الوزراء الذين يشغلون المناصب الوزارية وهم في سن الشباب، وذلك على خلفية ما يمكنه نشاطه الاستثنائي من تحقيق السياسات التي يطمحون إليها ويستشرفون بلوغها. وبمقدار ما أشفقت عليه من هذا المنصب الذي يضم شقين أساسيين، هما الإعلام والثقافة، إلا أنني كنت في الوقت نفسه معجباً بحضوره اللافت وإنصاته لكل ما يقال»، مشيراً إلى أن سعادته زادت عندما صارحه الوزير «بقراءة بعضاً من إنتاجي وهذا يبرهن على ثقافته الواسعة والمحيطة بأبعاد الفكر العربي والإسلامي والفكر الغربي معاً، واستعرض في حديثه جوانب محددة تتصل بهيئة الثقافة المزمع إقامتها، وكذلك المجمع الملكي للفنون وجميع الفنون الأخرى الخلاقة، ومناقشة جوانب أخرى استطاع الوزير بابتسامته أن يحوي الجميع، وأعطى برهاناً واقعياً على أنه الشخصية الملائمة للمكان المناسب». ويرى الدكتور زيد الفضيل أن اختيار وزير الثقافة والإعلام الدكتور عادل الطريفي نادي جدة الأدبي للقاء المثقفين له دلالة كبيرة ومهمة، متسائلاً عما إذا كانت الأندية الأدبية ما تزال صالحة لاستيعاب المثقفين على اختلاف تياراتهم واهتماماتهم، «هل حقا بات النادي الأدبي ممثلاً لجميع المثقفين على إطلاقهم؟ أم أنه، ووفقاً للائحته، التي صرخنا كثيراً في وجهها، بات ممثلاً لجزء منهم، وهم المتخصصون في اللغة والأدب؟ تساؤل أضعه على مكتب الوزير أولاً وأخيراً، وإجابته عملياً منه بالنظر ملياً في لائحة النوادي الأدبية وجعلها متسقة مع دورها الحقيقي والنهضوي بفتح المجال فيها للثقافة بتعريفه المتفق عليه عالمياً، هو بداية التصحيح للمشهد الثقافي، لمؤسساته المجتمعية، لتقوم بدورها المهم في قيادة مسيرة مشهدنا الثقافي وتصفيته من أي غبش». وقال الفضيل إن الأمر لا يقف عند ذلك، «بل إن المثقفين الحقيقيين حالياً في أمس الحاجة إلى كشف حجم الفساد والتزوير السائد في مشهدهم، من خلال مظاهر الفساد التي صارت متفشية بين عدد من المنتمين إليهم، وعدد من المترئسين والمشاركين في إدارة مؤسساتهم الثقافية، إذ ما أسوأ أن يدير مؤسسات مشهدنا الثقافي من يحتفي بالتزوير ويفتخر بشهادته الوهمية، والأسوأ حين لا تهتم الصحافة الثقافية بالتدقيق في الأمر فيتم نشر ذلك التزوير على الملأ، ثم يأتي من يستغرب هشاشة مشهدنا الثقافي وعدم تأثيره الجاد في ثنايا المجتمع». وقال أيضاً: «لعلي بهذه المناسبة ومع إشادتي بلقاء الوزير ببعض المثقفين المختارين بشكل خاص من الإدارة المسؤولة عن النادي أو غيرهم، أن أرجو أن تبدأ الوزارة الموقرة، عبر هيئة الثقافة الوليدة، بوضع اللوائح القانونية الصارمة لضبط أي تزوير وتشويه لمفاصل مشهدنا الثقافي أولاً، وبتعديل لوائح الأندية الأدبية لتشمل مظلتها جميع المثقفين من دون تخصيص لجنس على آخر، وأن تختار لإدارة مشهدنا أولئك المثقفين الجادين العضويين كما يقال، الذين يملكون القدرة على الإبداع ونحت أفكار معمقة تثري مشهدنا وتعيده إلى مصاف قوته التي كان عليها، وتخطوا به قدماً ليكون حاضراً في سياقات المشهد الثقافي العربي والعالمي». في حين قال الشاعر والكاتب أحمد عائل فقيهي أن اللقاء جسد الكثير من الأفكار التي طرحها نخبة من المثقفين والمثقفات والأدباء والأديبات، «والتي تسعى إلى الارتقاء بطموح وزارة الثقافة والإعلام ومواكبة (رؤية 2030) الوطنية بالتناغم مع رؤية المثقفين، وأن يكون لهيئة الثقافة دور فاعل في رعاية الثقافة والمثقفين، في ظل وجود وزير شاب وطموح يريد أن يترجم ويعمل من أجل هذا الدور، وهذا ما لمسناه جميعاً من خلال لقائنا الحميمي والودي في النادي الأدبي الثقافي بجدة». ويضيف عائل فقيهي قائلاً: «طالبت في هذا اللقاء بترجمة هذه الرؤية إلى واقع، وذكرت: نحن أمام رؤية ثقافية تتجه إلى بناء مستقبل ثقافي وفكري مضيء وخلاق، ولكن إمكان تحقيق الرؤية في ظل ثقافة الممانعة الاجتماعية ستخلق تحديات تتطلب تظافر الجهود بين ما هو رسمي وثقافي، مع التأكيد على أن يكون للمثقف دور فاعل في صناعة القرار». أما الشاعر والإعلامي عبدالعزيز الشريف فدعا إلى أن يحظى شباب الأدباء والمثقفين باهتمام الوزير، مخاطباً إياه بقوله: «ولكن يا معالي الوزير ونحن نناقش رؤية المملكة الثقافية في 2030، كثقافة مستقبلية تعني وطن شاب بأكمله، إذ ركزت على فئة الشباب بدقة شديدة، وكنا نتمنى أن يكون الاجتماع في نادي جدة أو أي نادٍ آخر أن يتم مع فئة الشباب من الأدباء والمثقفين الذين غصت بهم وسائل التواصل الاجتماعي ونراهم يكتبون بثقافة أخرى وتطلع آخر وأدوات تحاكي مستقبلهم بدلاً من الوجوه المكررة، التي تتسيد المشهد باعتبارها حرساً قديماً جداً كقدم كل ما لديه، مع العرفان والتقدير والوفاء لفضلهم وريادتهم، ولكن هذا المرحلة تحتاج إلى قوة دافعة لها، وهم الشباب»، متمنياً أن يقام للشباب المثقف «مؤتمر يحدد بالعمر الزمني، وأن يستبعد منه من أخذوا حقهم وفرصتهم في الإنتاج والمشاركة الثقافية». وقال مخاطباً الوزير: «أقولها لكم بصدق وتجرد: الشباب المثقف محارب في بعض الأندية الأدبية والجمعيات الثقافة والفنون والملتقيات الثقافية بشكل علني وواضح وصريح. إن الجامعات في الداخل والمبتعثين في الخارج تزخر بالفكر الشاب في شتى العلوم ومن شتى المدارس الفكرية، فيجب إشراكهم في هذه الرؤية الشابة بقيادة وزير شاب يتطلع إلى ترجمة رؤية القيادة الشابة لهذا الوطن. أرجو ألا تتحول اللقاءات المقبلة إلى لقاءات تكريمية وأن يحل محلها ورش عمل شابة تنتج ثقافة جادة تقدم منتجنا للعالم وبكل اللغات. الشباب هم رجالات المرحلة المقبلة وهم أمانة في عنقك أمام الله وولي الأمر فخذ بيدهم نحو العطاء والإنتاج من دون وصاية من أحد، فدعوهم يعملون فأنهم أهل للثقة والاهتمام».