أحيا عدد كبير من العازفين والموسيقيين على مسرح مهرجانات بيت الدين الذكرى المئوية لميلاد الموسيقي اللبناني الراحل زكي ناصيف، في عرض أقيم أمس (الجمعة)، في القصر الأثري الذي يستضيف عروض المهرجان منذ أكثر من 30 عاماً. واستعرضت الأمسية حوالى 20 أغنية كتب كلمات معظمها وألف موسيقاها الفنان الراحل (1916-2004)، الذي طبع الموسيقى اللبنانية ببصمة خاصة تجمع بين الهوية الجبلية والنزعة الرومنسية، منها «يا عاشقة الورد» و«طلوا أحبابنا» و«أهواك بلا أمل»، التي عرفها اللبنانيون والعرب بصوت فيروز، بالإضافة إلى أغنية الختام «راجع يتعمر لبنان» التي ارتبطت في ذاكرة اللبنانيين برغبتهم وأملهم في الخروج من دوامة الحرب (1975-1990) وعودة الحياة إلى بلدهم. وكان ناصيف أحد الأسماء الفنية والثقافية القليلة التي كانت تجمع اللبنانيين على طرفي خطوط النزاع إبان الحرب. وتخلل الأمسية عرض مقاطع مصورة تظهره يغني بصوته الرقيق الدافئ، سواءً في جلسات خاصة أو مقابلات وحلقات تلفزيونية، وتلقاها الجمهور بتصفيق حار وتأثر كبير. وشارك في تقديم الأمسية بعنوان «يا عاشقة الورد»، أربعة مغنين هم سمية بعلبكي ورنين الشعار وزياد الأحمدية وجوزف عطية، مع فرقة موسيقية من عشرات الموسيقيين أشرف عليها عازف البيانو غي مانوكيان، أمام جمهور بالآلاف ملأ الباحة الخارجية للقصر التاريخي في بلدة بيت الدين الجبلية جنوب شرقي بيروت. ووُلد ناصيف في قرية مشغرة اللبنانية عام 1916، ودرس في الجامعة الأميركية في بيروت في ثلاثينات القرن الماضي، ثم انضم إلى فريق إذاعة الشرق الأدنى التي انتقلت بعد عام 1948 من يافا إلى لبنان، وشكلت حاضناً لكبار الموسيقيين اللبنانيين مثل عاصي ومنصور رحباني وفيلمون وهبي وتوفيق الباشا. وألف ناصيف عدداً كبيراً من الأغاني ارتبطت بالوجدان اللبناني وجمعت في عناصرها الموسيقية بين الفولكلور المحلي والموسيقى الكلاسيكية الغربية وتأثيرات الإنشاد السرياني والبيزنطي، وكان من مصادر إلهامه رواد النهضة الموسيقية التي عرفتها مصر بين نهاية القرن 19 وبداية القرن 20، وخصوصاً سيد درويش والشيخ سلامة حجازي أحد رواد المسرح الغنائي العربي. وتوزعت ألحان ناصيف على عدد من كبار المغنين مثل فيروز ووديع الصافي وصباح. وفي عام 2004، أنشأت الجامعة الأميركية في بيروت برنامجاً أكاديمياً يحمل اسم ناصيف تكريماً لتلميذها الذي صار من أعمدة الموسيقى اللبنانية. وتحول منزله في قرية مشغرة في أيار (مايو) الماضي إلى «متحف ومركز زكي ناصيف الثقافي» تخليداً لذكراه وأعماله. وتستمر الدورة الحالية من مهرجانات بيت الدين حتى التاسع من آب (أغسطس) المقبل، ومن ضيوفه المقبلين مقدم البرامج السياسية الساخرة المصري باسم يوسف والمطرب العراقي كاظم الساهر.