فيما تعمل الوكالة الأميركية للطيران الفضاء (ناسا) لتحضير رحلة مأهولة إلى المريخ بعد سنوات، أظهرت دراسة أن الرواد الذين أرسلوا إلى القمر في رحلات «أبولو» كانوا أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بأمراض القلب الوعائية بسبب تعرضهم للإشعاعات الكونية. وكان رواد مهمات «أبولو» طلائع البشر الذين خرجوا من الغلاف المغناطيسي للأرض الذي يحميها من الإشعاعات الكونية، سافروا في الفضاء وحطوا على سطح القمر. وتنوي «ناسا» إرسال رحلة مأهولة إلى المريخ هي الأولى من نوعها، وذلك في الثلاثينات من القرن الحالي، وهي رحلة تثير التساؤلات حول انعكاساتها الصحية على الرواد بسبب سفرهم الطويل في الفضاء، لأسباب منها تعرضهم للإشعاعات الكونية. إضافة إلى ذلك، عاد القمر ليشكل مصدر جذب للمهمات المأهولة لدى عدد من وكالات الفضاء في العالم. وقال مايكل ديلب المشرف على الدراسة المنشورة في مجلة «ساينتفيك ريبورتس»: «لا نعرف الكثير عن أثر الإشعاعات الكونية على صحة الإنسان، خصوصاً على القلب والأوعية، هذه الدراسة تلقي بعض الضوء على ذلك». عام 1961، أطلقت «ناسا» برنامج «أبولو» واستمر حتى العام 1972، وكان من أبرز محطاته الهبوط الأول للإنسان على سطح القمر عام 1969. وخرجت 9 رحلات من أصل 11 من برنامج «أبولو» من مدار الأرض حيث تدور الآن محطة الفضاء التي يقيم فيها رواد في شكل دائم. وبين الرواد ال 24 الذين سافروا في الفضاء ضمن مهمات «أبولو»، توفي ثمانية. وبينت الدراسة أن «43 في المئة من حالات الوفاة كانت ناجمة عن أمراض القلب الوعائية»، وهي نسبة تعادل خمسة أضعاف مثيلاتها بين الرواد الذي لم ينفذوا في حياتهم أي مهمة، وأربعة أضعاف مثيلاتها بين الذين لم تتخط أسفارهم الفضائية مدار الأرض. ووفقاً للدراسة، فإن الرحلات الأبعد من القمر ستكون أشد خطراً على روادها مما كان يظن. وتلحظ هذه النتائج أيضاً أن رواد الفضاء هم أصلاً من أصحاب البنية القوية والصحة الجيدة، إذ يجري اختيارهم بعناية على هذا الأساس، إضافة إلى كونهم يمارسون الرياضة ويمتازون بمستوى ثقافي عال ومداخيل مرتفعة، وهي كلها من العوامل التي تساعد على التمتع بصحة جيدة. وللتعمق في البحث، أجريت اختبارات على فئران عرِّضت للإشعاعات نفسها التي تعرض لها رواد «أبولو»، وتبين أنها أصيبت باضطرابات في الشرايين. ونتيجة لذلك، توصل الباحثون إلى القول إن «الإشعاعات في الفضاء البعيد ذات أثر سيّء على صحة القلب والشرايين»، محذرين من ارتفاع الأخطار الصحية على الرواد الذين سيشاركون في مهمات إلى القمر أو المريخ.