ليس بمستغرب أن تنطبع الدهشة على وجوه زائري جناح المملكة في متحف اللوفر في باريس، والذي يضم آثاراً وقطعاً ومشغولات يدوية ونقوشاً صخرية يرجع بعضها إلى العصر الحجري القديم وحتى عصر النهضة السعودية. ولذا كان وجود هذه الآثار إضافة مهمة، بحسب بعض الزوار، للمتحف وللمهتمين من مختلف أنحاء العالم. فالذي كان يجهل تاريخاً يضرب في عمق الوجود البشري، أصبح من السهولة بمكان أن يرى ويستنطق ذلك من خلال زيارة للجناح والانتقال من عصر إلى آخر في رحلة عبر الزمن، وتتبع حياة أناس كان يعيشون على سطح هذه البسيطة قبل آلاف السنين. وعلى رغم المساحة الشاسعة للمتحف إلا أن الزائر لن يجد صعوبة في الوصول إلى الجناح، فما أن تقع أقدامه على ساحة الهرم الزجاجي، المدخل الرئيسي للمتحف، حتى يجد اللافتات الدالة على موقع الجناح والصور الجذابة لمحتوياته. وجاءت فكرة المعرض بناءً على طلب الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك من الملك عبدالله بن عبدالعزيز إبراز البُعد الحضاري والتاريخي على ارض المملكة في فترات تاريخية مختلفة، وتأكيد أواصر الصداقة بين فرنسا والسعودية، وتعريف الآخرين بالإرث الإنساني في بقعة من أهم البقاع على وجه الأرض وتقديم الصورة الحقيقية لأرض الحرمين الشريفين، وإيجاد مساحة وديّة بين الإسلام والديانات الأخرى. واشتملت القطع الأثرية في الجناح على فترة العصور الحجرية، وفترة الرق وفترة الممالك العربية المبكرة، ثم الممالك العربية المتأخرة ثم فترة العصر النبوي وفترة العصرين الأموي والعباسي، وصولاً إلى العصر العثماني وحتى توحيد المملكة وما جاء بعدها من تطور كبير، وبخاصة في البقعتين المقدستين مكةالمكرمة والمدينة المنورة. واعتبر محمد الجاسم (الإمارات) المعرض فرصة ثمينة لاكتشاف التاريخ في الجزيرة العربية وإثباتاً للوجود الإنسان منذ الأزل على سطحها، وقالت نبيلة زهاد (الجزائر) إن الجناح قدم لنا صورة حية لتاريخ الأمم السابقة، وهذه خطوة مهمة من السعودية في تقديم حقيقة جذور الإنسان العربي في تلك المنطقة. ولم تخف هيلين سارتو (فرنسا) دهشتها من الآثار والصور القديمة التي شملها المعرض. وقالت: «هناك أشياء كثيرة تلفت الانتباه في هذا الجناح، واجد أن الحلي والزينة التي كانت ترتديها المرأة في ذلك الوقت أمر يجعلني أتوقف ملياً في تأملها، إضافة إلى الصور الفوتوغرافية القديمة». وأشاد ساوباو ياماها (اليابان) بالخطوة المهمة التي استثمرتها المملكة في تقديم الهوية العربية والإنسانية، «وجعلتنا نتعرف أكثر على الثقافة والمخزون التراثي في الأرض العربية». وسعت الهيئة العامة للسياحة والآثار في السعودية إلى إنجاح المعرض، وإبرازه بصورة جيدة من خلال الفعاليات والندوات العلمية، التي نظمتها.