الأمين العام السابق ل «حزب الله»، صبحي الطفيلي، دعا رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري الى العفو عن المتورطين باغتيال والده، لتجنيب لبنان توترات بين السنّة والشيعة، بعد الحديث عن إمكان توجيه أصابع الاتهام الى عناصر من «حزب الله». ودعا الحزب إلى إدراك «حساسية الموقف وخطورة المرحلة»، محذراً إياه من «أي تهوّر أو انزلاق نحو الصدام المذهبي»، باعتبار أن ذلك «يقضي على المقاومة ومشروعها ولو تمت السيطرة على كل الأراضي اللبنانية». منذ الإعلان عن تسريبات تخص صدور اتهام لعناصر من «حزب الله»، وأهل السياسة في لبنان يتحدثون بالتورية، والكلام المغلّف. لكن الطفيلي قال ما عجز عن قوله الآخرون. مارس شجاعة سياسية وأدبية تبدو سابقة. فهو رفض، في شكل غير مباشر، نظرية تورط إسرائيل بحادث الاغتيال، وهذه خطوة مهمة. صحيح ان الطفيلي لطّف صراحته بالقول: «إذا كانت مصلحة أميركا إخفاء القاتل، او اتهام بريء ستفعل»، لكنه في المحصلة اعترف بأن القاتل من أهل الدار. وطالب البلد بالتفاهم، ملمحاً الى ان العفو افضل حالاً من القصاص، ولو اعتقد المسلّح انه يستطيع احتلال البلد مرة أخرى. المطالبة بالعفو طرحها غير طرف في السابق، لكن طرحها في ظل التطورات المحلية والإقليمية، والحديث عن توجيه اتهام الى أطراف محددة مسألة أخرى، فضلاً عن أن سعد الحريري بات مستعداً للتفكير بطريقة سياسية في قضية الاغتيال. لذلك فإن اقتراح الطفيلي يمكن ان يشكل مخرجاً مهماً للأزمة المحتملة، لكنه بحاجة الى وضعه في شكل مبادرة اسمها «المحكمة مقابل السلاح». وإقناع رئيس الحكومة سعد الحريري، والأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله، بالجلوس الى حوار مقايضة، وإخراج بقية الأطراف من المزايدة. الأكيد أن مبادرة الطفيلي لا تختلف عن مبادرة الشيخ زايد، رحمه الله، قبل غزو العراق، والتي رفضت استناداً الى العزة بالإثم. وتجاهل كلام الطفيلي سيوقع لبنان في الخطأ ذاته الذي وقع فيه العرب في العراق. فانعقاد المحكمة وتوجيه الاتهام بالطريقة التي سُرّبت سيعنيان في النهاية نزع سلاح الحزب، ولكن ليس بالضرورة ان يتم كشف اسم القاتل ومعاقبته، ناهيك عن ان لبنان سيدفع ثمناً باهظاً. اسمعوا كلام الطفيلي، قبل فوات الفرصة.