لا يبالغ الطباخ التلفزيوني البريطاني جيمي اوليفر عندما يفصح عن رغبته الجدية ببدء «ثورة» غذائية في الولابات المتحدة. فهو كان بدأ ثورة مماثلة قبل اعوام، عندما اجبر حكومته من خلال برنامج «عشاء اوليفر للمدارس» الذي عرض عام 2005 على شاشة القناة الرابعة البريطانية على تغيير القوانين الخاصة بالوجبات الغذائية المجانية التي يحصل عليها الطلاب في مدارس بريطانيا وإلغاء بعض انواع الطعام التي تسبب السمنة المبكرة عند الاطفال... مكلفاً جهداً ومصاريف، قيل انها بلغت بليون دولار. لكن مهمة جيمي الاميركية التي قدم جزءاً منها برنامج «ثورة جيمي اوليفر الغذائية» على قناة «اي بي سي» الاميركية لن تكون سهلة على الاطلاق. فتغيير طبيعة وجبات الطعام غير الصحية في المدارس البريطانية وإبدالها بأخرى اكثر فائدة، كانت «معضلة» صغيرة، مقابل تغيير عادات الغذاء الاميركية التي تحولت الى احدى المشاكل الجدية التي تواجهها الولاياتالمتحدة في السنوات العشرين الاخيرة. اختار الطباخ الشاب الذي اطلقت قنوات «بي بي سي» شهرته قبل 11 سنة عبر برنامج «الطباخ العاري»، ان يبدأ مهمته من مدينة هينتغتون في فيرجينيا... وهي المدينة التي تصدرت قائمة اكثر المدن الاميركية في أعداد المتوفين بسبب امراض السمنة والتغذية السيئة. وما ان يصل جيمي اوليفر الى المدينة حتى يبدأ نشاطاً متعدد الاوجه، فيفتتح مطبخاً باسمه في قلب المدينة من اجل اعطاء دروس مجانية عن الطبخ السهل الصحي. كذلك يقابل رجالاً من الكنيسة وشخصيات من المجتمع لمساعدته في مهتمة الصعبة. ويخصص وقت البرنامج المتكون من ست ساعات تلفزيونية للحديث عن نظام التغذية في المدارس الاميركية. ويحاول، كما فعل في بريطانيا، أن يغير وجبات الطعام الخاصة بمدينة هينتغتون. وعلى عكس برامج تلفزيون واقع اميركية كثيرة، لا يقدم برنامج «ثورة جيمي اوليفر الغذائية» نجاحات كبيرة او حاسمة. وعلى رغم الصور الشديدة التأثير التي قدمها البرنامج لطعام اطفال الروضة الذين يحصلون عليه ضمن تعليمات الولاية الاميركية، فالطعام في معظمه هو طعام سريع جاهز لا يصلح لأطفال في عمر النمو... والقليل من الفاكهة والأكل الصحي الذي تتضمنه تلك الوجبات ينتهي الى سلال القمامة، لأنه لا يملك طعم الاكل الجاهز الشهي. حتى نجاح جيمي اوليفر بإقناع المدرسة بتقديم اكل صحي للأطفال، هو بالنهاية نجاح هش. فبمجرد أن غاب اوليفر لأسابيع عن المدينة، عاد الكثير من الاكل السريع الجاهز الى المدرسة التي بذل الطباخ جهداً كبيراً لترغيب الاطفال بالأكل الصحي الذي أعدّه لهم. واذا كان الطباخ خاض بعد عودته صراعاً لإدخال الاكل الصحي الى مدارس المدينة، الا ان المهمة كانت تبدو اكبر من كل نياته الطيبة او دموعه في احدى حلقات البرنامج، والتي كشفت مدى تأثره، بخاصة بعد هجمات الصحافة المحلية عليه، بسبب تصريحات نشرت في احدى الصحف البريطانية اثناء وقت تصوير البرنامج، واعتبرتها الصحافية الاميركية استهزاء أوروبياً جديداً بالاميركيين! ويكشف البرنامج الأضرار التي ألحقتها عقود طويلة من الاستسهال وهيمنة النزعة الاستهلاكية على عادات الاميركيين الغذائية. فمن النادر ان تجد لحوماً او خبزاً في محلات بيع الاغذية، لم تعالج او تضاف اليها مواد تزيد من طعمها. اضافة الى غلاء سعر الخضار والفاكهة في هذه المحلات، مقارنة بأسعار الطعام السريع. فمع الازمة الاقتصادية التي تضرب اميركا، اصبح أقلّ كلفة شراء وجبة طعام سريعة من عشرات الآلاف من المحلات التي تقدم هذا النوع من الغذاء في الولاياتالمتحدة، من تحضير وجبة غذائية من مواد صحية... وهذا هو الأمر الاصعب الذي على جيمي اوليفر وآخرين مثله ان يواجهوه عند التفكير بأميركيين اقل سمنة وأكثر صحة.