شهد مؤتمر الحزب الجمهوري في كليفلاند أمس، انقسامات وشرخاً كبيراً بين المحافظين التقليديين و«الشعبويين» الداعمين لرجل الأعمال الثري دونالد ترامب بعد تتويج الأخير مرشحاً رسمياً للحزب في الانتخابات الرئاسية المقررة في 8 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. وتجلت الانقسامات بانقلاب السناتور تيد كروز على ترامب ورفضه دعم الأخير وسط صيحات استهجان من أنصار رجل الأعمال الثري. وتوقف المراقبون عند مغزى تصرف كروز (45 سنة)، مشيرين إلى أنه يمثل جيل الشباب فهو أصغر أعضاء مجلس الشيوخ سناً، وربما يتطلع إلى ترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية للعام 2020. مشهد انقسام الجمهوريين الذين يختتمون مؤتمرهم اليوم، أعاد إلى الأذهان مؤتمر الديموقراطيين في العام 1972 الذي شهد انتفاضة داخلية ضد المرشح جورج ماغفورن أدت إلى خسارته السباق آنذاك أمام الجمهوري ريتشارد نيكسون. وأحرج انقلاب كروز ودعوته الجمهوريين إلى تحكيم ضمائرهم، المؤسسة الحزبية وأثار غضب أنصار ترامب إلى درجة اقتضت استدعاء حماية أمنية للسناتور الشاب عن تكساس وزوجته هيدي خلال خروجهما من القاعة. وحل كروز ثانياً وبفارق كبير عن ترامب في السباق لنيل ترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية، بعد حملة مريرة حفلت بانتقادات شخصية لرجل الأعمال الثري، ليقابل بهتافات «نريد ترامب» من جانب أنصار الأخير. وخاطب كروز الناخبين قائلاً: «من فضلكم لا تمكثوا في منازلكم في تشرين الثاني، قفوا وقولوا كلمتكم وصوتوا بما تمليه عليكم ضمائركم. صوتوا للائحة المرشحين من أولها إلى آخرها، صوتوا لمن تثقون في أنه سيدافع عن حريتكم ويلتزم الدستور». ورأى مراقبون أن حض الناس على تحكيم ضمائرهم هي بمثابة دعوة إلى سحب الثقة من المرشح الجمهوري، وتعكس رهاناً على خسارة ترامب أمام هيلاري كلينتون، والتمهيد لسباق 2020 الذي بدا كروز عازماً على خوضه. وكتب ترامب على «تويتر» لاحقاً إن كروز نكث بوعد قطعاه معاً بتأييد مرشح الحزب إلى البيت الأبيض، الأمر الذي نفاه سناتور تكساس، مؤكداً أنه وافق فقط على المشاركة في المؤتمر. ويخلق اختتام مؤتمر الجمهوريين من دون توحيد صفوفهم، أزمة حقيقية أمام ترامب الذي أراد مغازلة اليمين المحافظ من خلال اختياره مايك بنس مرشحاً لمنصب نائب للرئيس. لكن المؤتمر أعطى زخماً نسبياً للمرشح الجمهوري، إذ عكست الاستطلاعات تقدم كلينتون بهامش أضيق من السابق على منافسه (معدل 4 نقاط)، وذلك قبل أن يتوجه ترامب في خطابه فجر اليوم إلى شريحة أكبر من الأميركيين لجذب المستقلين حول أجندة داخلية وخارجية تنقلب على إدارة باراك أوباما وتنال من سمعة وزيرة الخارجية السابقة. ومن المقرر أن تسمي هيلاري مرشحها لنائب الرئيس خلال ساعات في ولاية فلوريدا الحاسمة. وأوردت صحيفة «نيويورك تايمز» أن زوجها الرئيس السابق بيل كلينتون يؤيد اختيارها السناتور عن ولاية فيرجينيا تيم كاين، وهو من الخط المعتدل، ومن جذور ريفية ومتدينة ويتقن الإسبانية. ويهدف خيار كاين إلى قطع الطريق على ترامب ومنعه من كسب قفزة في الاستطلاعات بعد مؤتمر كليفلاند، وقبل مؤتمر الديموقراطيين في فيلاديلفيا والذي سيشارك فيه أوباما ونجوم هوليوود ومن بينهم «لايدي غاغا».