استقطبت قرى محافظتي القطيف والأحساء ومدنهما، أمس، ساكني المحافظات المجاورة لهما، وزائري المنطقة الشرقية من السائحين، لمشاهدة احتفال إحياء ليلة منتصف شهر شعبان «الناصفة» أو «القرقيعان»، التي دأب أهالي المحافظتين على إحيائها منذ سنوات طويلة، كتراث تقليدي يستهوي الصغار قبل الكبار، حيث يقيمها البعض ليلتين، الثانية تكون النصف من رمضان، وهي الأكثر شعبية حيث يشترك فيها إضافة إلى الشرقية، دول الخليج والعراق. واستبق أهالي القرى والمدن في المحافظتين، المناسبة، بالاستعداد لها. وعمل شبان على تزيين مداخل القرى، ويطلق الأهالي، مصطلح «البوابات» على مداخل القرى، والتي تتخذ من الشوارع الرئيسة فيها موقعاً، أو تبنى في منتصف الساحات. وتبارى الشبان المشرفون على إعداد «البوابة»، في جعلها الأفضل مقارنة بغيرها، وبخاصة أن المتجولين عليها سيقارنون بينها، ويصدرون فيها حكم الأفضلية على غيرها. ويوضح عبدالله علي أن «التجول بين البوابات، على رغم الصعوبة، يتميز بنوع من البهجة»، مضيفاً أن «الشبان في كل عام يبتكرون شيئاً جديداً، يختلف عن العام الماضي». وفيما اكتفى بعض الشبان في تزيين مداخل قراهم بسعف النخيل والأنوار، وتوزيع الحلويات، وصل الأمر ببعضهم إلى بناء نماذج تراثية، كالقبب أو المنازل القديمة، والأقواس العالية، ومحال المهن، التي تستحضر تراث المنطقة الزراعي والبحري. وشارك فنانون تشكيليون وهواة في رسم لوحات فنية، أو تعليق صور فوتوغرافية تحكي التراث. وارتدى بعض القائمون على البوابات، ملابس في طريقة تقليدية، كملابس البحارة والمزارعين. ويشير سعيد أحمد إلى أن «بعض الشبان، حتى غير المشاركين في بناء البوابات، يرتدون ملابس تراثية، ويرددون أناشيد وهم يسيرون من مكان إلى آخر، جاذبين حولهم الكبار والأطفال». ودخلت منتديات على الإنترنت في سباق مع الوقت، وطالبت أعضاءها بالتقاط الصور وتحميلها على صفحات المنتدى، بهدف «البحث عن أفضل الأعمال»، والتصويت حولها، إضافة إلى السحب على أجمل زينة، وأجمل طفل. وفرض الأطفال حضورهم بقوة في «المهرجان» التراثي، وبخاصة أنهم الفئة المستفيدة، بالدرجة الأولى. ويتجول الأطفال على البيوت، طارقين أبوابها، وينشد الأطفال الأغاني التراثية والأهازيج الشعبية، ويبادر أصحاب المنازل، الذين استعدوا لهذه الليلة، بوضع حلويات أو نقود قليلة في أكياس يحملها الأطفال، وتسمى الأكياس ب«خريطة»، ويعود أطفال إلى منازلهم لإفراغ «حمولتهم» من الحلويات، ليعودوا إلى جولتهم مرة أخرى. وتزاحمت الشوارع الرئيسة بالسيارات، المتنقلة بين قرية وأخرى، وعلى غير العادة لا يبدي السائقون تذمراً من الزحام، ويذكر جعفر أحمد أنه «استغرق ساعتين منتظراً الوصول إلى البوابة، إلا أن مشاهدة العمل الذي أنجزه الشبان، ينسينا الساعات التي وقفنا فيها منتظرين». واصطحب أولياء أمور عائلتهم معهم، في رحلة تمتد من بعد صلاة المغرب إلى الفجر، فيما أجّل آخرون الجولة إلى اليوم أو غد، تفادياً للزحام.