حتى الآن ألقى الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله خطابين، وعقد مؤتمراً صحافياً بعد تسريبات عن نية المحكمة الدولية الخاصة بلبنان اصدار اتهامات لأفراد من حزبه. والخطاب الثالث على الطريق، وكان مقرراً يوم الجمعة 30 من الشهر الجاري، وجرى تأجيله الى الثلثاء 3 آب (اغسطس). وعلى رغم ان تتابع الخطابات، على هذا النحو، أمر لم يفعله السيد نصرالله من قبل، فإن الذي تابع الخطابين والمؤتمر الصحافي شعر بأن السيد حسن نصرالله كان قلقاً، على رغم نبرة الخطاب الهادئة. وهو دفع هذا الانطباع الذي ربما تولد لدى مستمعيه قائلاً: «لسنا خائفين». لكن ملامح القلق في الخطاب كانت لا تحتاج الى دليل، مرة يبدو السيد نصرالله رافضاً وغير مكترث، ومرة يملي شروطاً، وثالثة يحاول ان يفتح أبواباً، ويستعيد بعض الاقتراحات التي راجت مع اعلان المحكمة. طالب بإجراء العدالة، وأعلن جاهزيته للتعاون، ثم رفض الجلوس مع «أي شخص في هذه الدنيا يريد الجلوس معنا على قاعدة أن شخصاً منا متهم فلا أجلس معه ولا من أجل تسوية، إنما نجلس على قاعدة ان هناك شيئاً يعدّ وكيف نواجهه». كيف سيتم الاجتماع على شيء مجهول، ومن الذي يملك الحديث نيابة عن المحكمة؟ قبل وأثناء وبعد حرب تموز (يوليو) 2006 كان صوت «حزب الله» صارماً، وخيارته مرنة، لكنه اليوم لم يعد يملك الكثير. جبهة الحرب على اسرائيل أغلقت. وتحسن العلاقات السورية - السعودية سدّ الشوارع. وخيارات التعطيل السياسي ضعفت في ظل التفاهم بين رئيس الوزراء ودمشق، وإن حدثت فإنها لن تفضي الى ما هو أكثر من تعطيل. هل يعني هذا ان «حزب الله» بات عاجزاً عن ممارسة السياسة بقوته العسكرية؟ ليس بعد. سلاح «حزب الله» لا يزال يشكل تهديداً للسلم الأهلي في لبنان. لكن لغة الحزب مؤشر مهم الى أن التغيرات الإقليمية ضيقت هامش المناورة، فضلاً عن أن خطاب السيد يوحي بأن «حزب الله» يعيش قلقاً من تفاهمات إقليمية تأتي على حساب دوره وموقعه على الساحة اللبنانية. إن صحت قراءة هذا القلق في خطاب السيد فإن لبنان مقبل على مرحلة سورية جديدة، ولكن بأدوات مختلفة، ليس من بينها «حزب الله»، أو سلاح «حزب الله».